كنا حتى كتابة مقالنا السابق الذي كان بعنوان «يوم اليتيم العالمي وأيتام مشاهير غيروا مجرى التاريخ» لم نكن لندري عن قصة البطل العالمي البحريني سامي الحداد الذي نشأ يتيماً وتحدى الظروف القاهرة ليكون أول محترف رياضي في مملكة البحرين ويحقق المركز الأول في بطولة آسيا للناشئين عامي 1993 و1994، حيث اطلعنا على حلقة برنامج كفو الذي يعرض على تلفزيون البحرين والذي عمل ضجة كبيرة عند الرأي العام العربي، ويعتبر البرنامج الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي خلال رمضان لهذا العام.

فكرة البرنامج تقوم على تكريم ضيف في كل حلقة كانت له بصماته الخيرية والمؤثرة على فئة من المجتمع تقديراً لعطائه وإسهاماته، ومنهم من كان يمثل نقطة تحول كبيرة للفئات التي قام بخدمتها وجعلها مواطن خير ومنفعة للبحرين وأهلها، وكانت حلقة «أم عبدالله» وهي التي احتضنت البطل العالمي البحريني سامي الحداد منذ الصغر حينما استعلمت من أحد أبنائها أنه طفل يتيم ينام في المسجد ولا مأوى له حيث فتحت قلبها قبل بيتها له واعتبرته ابنها الثالث ودعمته واستقبلته في منزلها وجعلت له سريراً إضافياً في غرفة أبنائها. أريد هنا أن أركز على الدور الكبير الذي لعبته أم عبدالله في حياة سامي الحداد وهو طفل يتيم وقامت بالعناية به حتى أصبح بطلاً للبحرين ويحقق إنجازات باسم وطنه في المحافل الدولية، إن جميع هذه الإنجازات والبصمات وحتى المراكز التي حققها سامي الحداد «رئاسة الاتحاد البحريني لكمال الأجسام، وبطولة مستر أولمبيا للهواة، وبطولة آسيا وTOP6، ونيله لبطاقة الاحتراف في بطولة أبطال العالم عام 2012» يعود فضلها جميعاً بعد الله سبحانه وتعالى إلى هذه المرأة الفاضلة أم عبدالله، لقد أثرت فينا الحلقة وأبكتنا جميعاً ونحن نطالع أم عبدالله تبكي وممتنة على تقديرها والثناء على ما قامت به في زمن من النادر أن ترى شخصاً يفتح باب بيته لطفل لا يعرفه ويتبناه ويمنحه حنان الأم الذي قدر الزمن أن يفقده مبكراً ونحن نكتشف كيف أن هذه المرأة العظيمة غرست فيه شعور الأمن والأمان الذي شكل له حافزاً ونقطة انطلاق نحو عوالم النجاح والتألق. الله أعلم كيف كانت ستكون حياة سامي وإلى أي عوالم سيمضي وهو في بداية مراهقته ويعيش في الشارع لو لم تفتح هذه المرأة الفاضلة بيتها له وتمنحه الحافز لأن يكون شيئاً عظيماً لوطنه له بصمته الخالدة في التاريخ الرياضي.

لماذا أثرت فينا أم عبدالله بعملها الصالح؟ لأنه في وقتنا الحالي نرى غالباً على أرض الواقع أن بعضاً ممن لا يخافون الله عندما يستعلمون أن أمامهم شخص يتيم لا ظهر له ولا سند وبه مميزات وصفات مبدعة يحاولون إما استغلاله وظلمه أو تحطيمه وكسره وجعله فاشلاً في هذه الحياة، فهناك من يجد يتمه نقطة ضعف يستغلها في إيذائه وتدبير المكائد له ويستخسر عليه النجاح والتقدم، وغالباً من يفعل ذلك يفتقر للقناعة ويرى أنه لا يستطيع قبول أن يكون أمامه يتيم متميز ومبدع وهو يقارن بينه وبين أبنائه، فهو لا يتقبل فكرة أن يكون هو أفضل من أبنائه الذين لديهم أم وأب، فيما هذا الذي يعتبر أقل منهم في كل شيء من حيث الدعم والرعاية يتجاوزهم في التقدم والتطور، كما أن هناك من يتسلط عليهم وينهب حقوقهم لأنه يرى أنه لا سند لهم أو شخص سيلجؤون له، لذا فما قامت به المرأة الفاضلة أم عبدالله يعتبر موقفاً نادراً جداً في هذا الزمن لا يقوم به إلا العظماء ممن يملكون قلباً كبيراً. فتحية شكر وتقدير لها وكثر الله من أمثالها.