«رجعت حليمة لعادتها القديمة» مثل شعبي متداول بين الأجيال، دون التطرق إلى شرحه ولكنه يفرض نفسه الآن بسؤال خطر على البال: «هل إنسان الخير الذي لمَع نجمه خلال الثلاثين يوماً سيواصل مسيرته الفاضلة من إيمانيات حميدة وتصرفات جميلة وسلوكات راقية وإحساس بالآخرين وحسن ظن بالجميع وسباق إلى جبر خاطر الكثيرين وكفّ لسانه وأذاه عن الآخرين، أو بانقضاء الأيام المعدودات رجع كحليمة إلى عاداته البائسة القديمة؟!».

بالمناسبة، خلال الشهر الفضيل استلمت عشرات الرسائل للحث والتشجيع للمشاركة «بتطبيق فاعل خير-البحرين» الذي يعتبر من المبادرات الرائعة لوزارة الداخلية عبر تطبيق «إسلاميات» و«سداد» للتبرع لصالح المعسرين والمتعثرين ممن صدر بحقهم أحكام قضائية. ولمن لا يعلم فإن الحالات التي يتم إدراجها ضمن التطبيق تخضع لمجموعة من الضوابط والشروط أي أن الأمر سليم وخالٍ من التشكيك.

والجميل في التطبيق أنه يتمتع بكامل الخصوصية للشخص المعسر؛ فأنت يا «فاعل الخير» يا من تُقبل على قرار العطاء ولو بدينار، سوف تتعامل مع «رقم حالة» دون معرفة جنس المعسر أو عمره، أو طائفته أو دينه، أو انتمائه الفكري أو توجهه السياسي، ميوله الثقافية أو المعرفية؛ فأنت تساعد لإيمان وقناعة منك أن تمد يدك البيضاء بما تجود به نفسك ومقدرتك على أمل أن تكون إنساناً خيِّراً في زمن لا يزال يعجّ بالناس فاعلي الخير أمثالك.

مبادرات جميلة وأفكار رائعة ولكن الأجمل أن ننتبه جميعنا. إلى أن الإنسان المعسر ليس فقط ثلاثين يوماً في السنة، والفقراء والمساكين ممن يبحثون عن ملجأ يؤويهم وهِدمة تسترهم ووجبة تسند أمعاءهم وتقيهم شر الجوع، وآخرين وما أكثرهم ليس لديهم قيمة علاج أو شراء علبة دواء منتشرين حولنا كامل أيام السنة في سائر المعمورة.

فأنا وأنت وهو وهي وجميعنا يجب أن نعمل بكل جد وجهد ألاّ يكون هناك تاريخ انتهاء صلاحية لقول وفعل والتشجيع للخير. ونتذكر دائماً أنه قليلٌ دائم خير من كثير منقطع، أليس كذلك يا فاعل الخير؟