الأرقام والمعلومات التي كشفها وزير المالية خلال منتدى «الطريق إلى التعافي الاقتصادي» جداً مهمة خاصة في هذا التوقيت الذي مازال العالم يحاول فيه التعافي من آثار جائحة كورونا، بالإضافة إلى التداعيات المختلفة التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية.

في البحرين تركزت تحدياتنا في السنوات الماضية على الجانب الاقتصادي ومساعي التعافي المالي، في ظل أزمات اقتصادية وأوضاع غير مستقرة مر بها العالم، وأثرت بشكل كبير على اقتصاديات العديد من الدول، وباتت لدينا أولويات ملحة في هذا الجانب على رأسها التغلب على تحديات العجز في الموازنة، بالإضافة إلى تصفير الدين العام، وكل هذا معنية به خطة التعافي الاقتصادي.

بحسب ما استعرضه وزير المالية، فإن هناك مؤشرات إيجابية عديدة تسجلت على امتداد عدة قطاعات في إطار خطة التعافي الاقتصادي، ولعل الرقم الذي يكشف حجم التعافي هو ذاك المرتبط بالميزان التجاري الذي سجل فائضاً بواقع ٥١ مليون دينار تقريباً في الربع الأول من هذا العام، مقابل عجز بقيمة ٤٤٢ مليون دينار في نفس الفترة للعام الماضي، وهذا فارق كبير جداً ينبغي استيعابه.

إضافة إلى ذلك فإن تسجيل مبلغ ٣.٤ مليار دينار كناتج محلي غير نفطي مؤشر إيجابي على فعالية تنويع مصادر الدخل، وهو أمر تركز عليه البحرين كحال أي دولة تعتمد بشكل كبير على الموارد النفطية وتسعى لتوسيع قاعدة الإيرادات عبر تنويع مصادر الدخل.

هناك عدة أهداف معنية بالمرحلة القادمة في البحرين، أولها مثلما بين الوزير تركز على الاستفادة من أسعار النفط، وهي نقطة يتحدث عنها كثيرون من منطلق ضرورة الاستفادة من ارتفاع الأسعار بسبب تأثير الوضع بين روسيا وأوكرانيا، ومؤشر الاستفادة بالنسبة لهم هو ما ستعكسه بشكل إيجابي على معيشة المواطن.

وبقدر ما النقطة الأخيرة بالغة الأهمية، إلا أنها ترتبط أيضاً بتحقيق الدولة لأهداف التعافي الاقتصادي، إذ ارتفاع أسعار النفط تأتي في وقت يساعد جهود تحقيق الأهداف الأسمى من خطة التعافي وهي تحقيق الاستدامة المالية وبالتالي الاستقرار الاقتصادي، وما ما نفسره بشكل أكثر تبسيطاً بصناعة وضع يمنح الدولة أريحية مالية تجنبها اللجوء لفرض ضرائب أو رسوم إضافية، بل على العكس سيمنحها فرصة رفع المستوى المعيشي لمراحل متقدمة أكثر.

هناك مشاريع تنموية مستمرة في البحرين، سواء أكانت دشنت وبدأت عملها في السابق، أو يترقب البدء فيها، مثل توقع استقطاب استثمارات بقيمة ٢.٥ مليار بحلول عام ٢٠٢٣، وهي مسألة تعزز من عمليات تحقيق خطة التعافي، هذه الخطة التي انتهت حتى الآن من ١٦ برنامجاً من أصل ٢٧.

نورد هذه المعلومات وهذه الأرقام بهدف بيان حجم التحديات التي تواجه مملكة البحرين، وفي مقابلها حجم الجهود المبذولة لضمان ديمومة الاقتصاد وتجنب أية تداعيات سلبية تطرأ على الميزان المالي بسبب الظروف المتقلبة عالمياً.

وبقدر ما رغبات المواطن تتنوع وتتكاثر وهي أمور طبيعية ومن حقوقه أن يتطلع لأوضاع أفضل ومداخيل أعلى، بقدر ما هي التحديات التي تواجه الحكومة وتعمل جاهدة للتغلب عليها وتحويل الوضع إلى المؤشر الإيجابي الذي بتحقيق أهدافه يمكن تلبية تطلعات المواطن بل وصناعة مستقبل واعد ومبشر وأكثر إشراقاً للبحرين.