في زيارة قديمة لباريس عاصمة الثقافة والنور زرت إحدى الحدائق القريبة من حي الشانزليزيه، وعجبت أشد العجب من أنك بمجرد أن تضع حباً في إحدى يديك وتمدها حتى تتسابق عصافير الحديقة بالجلوس على راحة يدك لالتقاط الحب وأكله دون أي خوف أو وجل ثم تطير وهي تزقزق شاكرة لك هذا الصنيع وهذا الكرم الحاتمي.

وكنت أتساءل في نفسي ما الذي جعل هذه العصافير تطمئن وتجلس على راحة يدي لالتهام الطعام؟ ولعل الإجابة التي حصلت عليها أن هذه العصافير تدرك تماماً أن القانون الفرنسي يحميها، فلن يتجرأ أي إنسان على ذبحها أو نتف ريشها أو طهيها وأكلها، بينما عصافيرنا وطيورنا تهرب بمجرد الاقتراب منها خوفاً من ذبحها والتهام لحمها وعظامها.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه: أين اختفت تلك الطيور المحلية الجميلة؟ ولماذا هاجرت؟ ولماذا تناقصت أعدادها في البحرين اليوم، في حين ازدادت أسراب الغربان مع أن أسطورة جلجامش تقول إن البحرين لا ينعق فيها الغراب؟ وأين اختفت تلك الأشجار المحلية الجميلة التي ترفرف على أغصانها العصافير والبلابل والطيور والتي تبعث في النفس البهجة والسرور والانشراح؟ وأين اختفت تلك العيون الطبيعية التي كانت أعدادها تزيد على المائتي عين في ذلك الزمن الجميل الذي ولى وانقضى.

فاندثار هذه العيون وامتداد الزحف العمراني على حساب الحزام الأخضر أدى إلى اختفاء هذه الطيور البحرينية الجميلة وهجرتها، وهي في مجموعها 333 نوعاً منها أربعة أدخلت من قبل البشر وستة وسبعون نادرة واثنان من الأنواع المذكورة في البحرين منقرض ولم تدرج في عدد الأنواع، وستة أنواع مهددة بالانقراض.

فهل نطمع ونأمل في العديد من القرارات التي تحمي طيورنا الجميلة من الانقراض وعلى رأسها العصفور البحريني.