من الصعوبة الإمساك بالعلاقات الدولية في الربع الأول من القرن الـ21 لأنها تتميز بالكثافة، وتسارع الأحداث مع تنامي الفساد، والعنف. فكيف يفلت من العقاب صناع القرار الموغلون في العنف والفساد حيث تبقيهم ديناميات الفساد خارج القيود. ولم أصل إلى الإجابة عن سؤال حيرني، ومضمونه أن البعض في دول الخليج يعيش في بلد غني لا نستجدي قروض أو منح لا من دول ولا من البنك الدولي، كما أن دوائر نظامه الأمني محكمة، بالدفاع المحلي والأمن الجماعي الخليجي أو الانضواء تحت مظلة الدفاع العربي المشترك، ثم الحلفاء ثم الأصدقاء، كما أن ثوابت سياسته الخارجية قوية. فكيف يجد المنافس، أو الغريم، أو العدو طريقه إلى هتك نظام ذلك البلد الأمني في بعده الخارجي!!

الإجابة: الفساد.

فالفساد قد يسهل من خلال القوة الناعمة كتمرير أجندة الدول الخارجية مثل إقامة مراكز ثقافية بأموال من الداخل بمباركة من الخارج، أو إنشاء مركز للأبحاث وتجيير جهوده لصالح دولة خارجية. مثال آخر أن ما يحدث في أوكرانيا لم يخلُ من فساد، ومن ذلك قصة الملياردير الأوكراني فيكتور ميدفيدتشوك، وهو من بين قلة تستطيع أن تصف نفسها بـ«الصديق الشخصي لبوتين». وكان يتزعم حزب «منصة من أجل الحياة» أبرز الأحزاب الأوكرانية الموالية لروسيا، فقد كبر دور الرجل بناء على حجم تقربه من بوتين وذلك شكل من أشكال الفساد. كما أن «وثائق بنما» تبرز دور الأطراف الميسرة للفساد لمصلحة زبون خارجي عبر الحدود، للحصول من الخارج سواء من دولة أو شركة على مكاسب خاصة، أو وعد بترقية في تراتبية السلطة. كما أن الفساد قد يكون على شكل العلاقات التعاضدية بين الأفراد في بلد ما وشبكات وهياكل إرهابية، وليس بالضرورة تعاضد بسبب الولاءات العقائدية أو الطائفية أو العرقية أو المذهبية لكن بمصالح مادية صرفة في أشد أوجه الفساد قبحاً بدليل نشاط «حزب الله» في أمريكا الجنوبية التي لا تربطه بهم قربى عقائدية.

بالعجمي الفصيح

التصدي للفساد بسلاح الوضوح، يتطلب منا اعترافاً صريحاً بالمشكلة، فهناك من تجاوزت تراتبية أولوياته الخاصة، أولوياته الوطنية رغم علمه أن ذلك فساد.