تكتسب قمة قادة مجلس الدول العربية والإفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن والتي جرى مؤخراً الإعلان عن عقدها بمدينة جدة السعودية، أهمية كبيرة في ظل التهديدات الإيرانية المتزايدة للملاحة البحرية بالمنطقة عموماً، وفي مياه البحر الأحمر وخليج عدن على وجه الخصوص سواء بشكل مباشر أو عبر ميليشيا الحوثي الانقلابية التابعة لها والتي تسيطر على الساحل الغربي اليمني وميناء «الحديدة» أكبر الموانئ اليمنية بدعم إيراني عسكري واضح. وسبق لهذه المليشيات استهداف السفن التجارية بالبحر الأحمر بالقرب من مضيق باب المندب، والذي يعد من أهم المنافذ الإستراتيجية بالعالم، كما أن لإيران تاريخ طويل مشين من استهداف الملاحة البحرية الدولية ومحاولات اختراق أمن هذا الشريان الحيوي ضمن أجندة خبيثة تسعى لتنفيذها بهدف خنق مصالح البلدان العربية والالتفاف على العمق الجيوسياسي لها.

ويأتي الإعلان عن هذه القمة تزامناً مع التصعيد الإيراني مؤخراً بمياه الخليج العربي، حيث عمدت إيران وفى إطار تكتيكاتها المكشوفة لخلق مكاسب تفاوضية بملف المفاوضات النووية إلى احتجاز زورقين أمريكيين، قبل أن تجبرها البحرية الأمريكية على إطلاقهما بعد فترة وجيزة، ولكن هذه الممارسات الإيرانية الخطيرة تظل قائمة ومستمرة بين الحين والآخر في إطار إستراتيجيتها الدائمة لتهديد الملاحة الدولية، ولإدراك الولايات المتحدة ذلك، أعلنت عن خطة لنشر شبكة من الطائرات المسيرة والسفن لمراقبة تحركات إيران بحراً وتقييد حركة قواتها بالمنطقة، وتتضمن نشر 100 طائرة استطلاع قبالة الساحل الإيراني بحلول الصيف المقبل.

وفي ظل هذه الممارسات الإيرانية المتكررة، ومن ضمنها بالطبع التهديدات للملاحة بمياه البحر الأحمر، تأتي أهمية قمة جدة المرتقبة التي ستنعقد بمشاركة الدول المتشاطئة بالبحر الأحمر وخليج عدن التي يضمها هذا المجلس، وهي 8 دول عربية وإفريقية «السعودية ومصر والأردن والسودان واليمن وإريتريا والصومال وجيبوتي»، حيث يعوّل على هذه القمة الهامة ضرورة وضع رؤية وخطة مشتركة لمواجهة التهديدات الإيرانية وتعزيز سيادة دول البحر الأحمر وخليج عدن على مياهها الإقليمية، فضلاً عن تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجلس لتحقيق التكامل والربط بين خطوط النقل والموانئ البحرية، لزيادة حجم التبادل التجاري بحيث تشكل منطقة البحر الأحمر تكتلاً متماسكاً وقادراً على تأمين حرية الملاحة بالبحر الأحمر في ظل الأهمية الإستراتيجية الدولية لهذا الممر الملاحي الإستراتيجي، والذي تمر به بضائع وسلع دولية تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار سنوياً، وتُمثل 13 % تقريباً من حركة التجارة العالمية.