هذا السؤال تردد في الفترة التي تلت الفيضانات التي ضربت باكستان وتسببت في الكثير من الخسائر البشرية والمادية، وازداد تردداً فور أن قام عدد من الدول العربية تتقدمها بعض دول مجلس التعاون الخليجي وأولها مملكة البحرين بالإعلان عن تقديمها مساعدات عاجلة لهذا البلد الذي نكب وصار في حاجة ماسة إلى المساعدة.

ملخص فكر طارحي هذا السؤال هو أن من بين الدول التي بادرت بمدِّ يَد المساعدة من هي في حاجة إلى المال الذي تتبرع فيه لباكستان وأن بها مشاريع معطلة بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها العالم وأن الأجدر بها أن تعمل على رفع مستوى معيشة مواطنيها وخدمتهم.

هذا النوع من الفكر قد يكون صحيحاً من حيث المنطق لكنه ليس إنسانيا ولا ينظر من يقولون به إلى البعيد، ذلك أن كل بلدان العالم بما فيها بلادهم معرضة في أي لحظة إلى الكوارث الطبيعية التي لم يعد أحد يستغرب كيف تحدث ولماذا رغم أن المنطق يفيد بأنها لا يمكن أن تحدث في هذا البلد أو ذاك.

إنسانياً ليس مهماً من هو الآخر الذي صار في حاجة إلى مساعدة، ودينياً لعله يكون واجباً تأجيل بعض المشروعات والتحامل على النفس بغية التخفيف عن آلام الآخرين. ما حصل أخيراً في باكستان كارثة بكل ما تحمله هذه المفردة من معان؛ الخسائر البشرية بالآلاف والذين خسروا بيوتهم والمشردون والمصابون بمئات الآلاف والأراضي الزراعية التي غرقت وتضررت محصولاتها كثيرة.

من الأمور التي ينبغي أن يضعها أولئك وخصوصاً لو كانوا من سكان المنطقة في الاعتبار أيضاً هي أن باكستان جزء من هذه المنطقة وأن ما تعرضت له يؤثر عليهم وعلى معيشتهم.

ليس مهماً في مثل هذه الأحوال البلاد التي تعرضت للكارثة، وليس مهماً دينها ومذهبها وأصلها وفصلها، بل حتى مواقفها السالبة من بلادنا، فالإنسانية تفرض أموراً لا يفهمها سوى الإنسانيين الذين تنتمي بلادنا إليهم.