باخ، وبحبح، بلش، بقبق، ودلف. لحظة لا تخف، إنها ليست بطلاسم ولا كلمات شعوذة لتحسين البخت وجلب الحبيب. ولكنها بعض مفردات الشعب اللبناني التي يستهلكها باستمرار معتقداً أنها من جذور لغته العربية. ونكمل المسيرة إلى أن نصل إلى أشهر السنة فبمجرد أن تقول، «تشرين الأول بدل أكتوبر»، أو «شباط بدل فبراير»، تأكد أنك ستُعرف أنك من بلاد الشام أو العراق.

من هنا كانت الانطلاقة، ولطالما سألت نفسي ما هو سبب تسمية أشهر السنة بلبنان بهذا الشكل؟ فالكلمات من ناحية الأحرف والتشكيل في ظاهرها «عربية» ولكن الحقيقة تنص أن مرجع الأغلبية فيها يعود إلى لغة أخرى.

وبعد البحث والقراءة عرفت السبب، فاللغة السريانية كانت اللغة السائدة في دول بلاد الشام والعراق إلى ما قبل الاستعراب اللغوي الذي رافق الفتح العربي في القرن الميلادي التاسع ومنذ ذلك الوقت لم يقتصر الأمر فقط على تسمية أشهر السنة نسبة للغة السريانية وإنما كثيراً من المفردات يتم استخدامها على مدار اليوم هي من أصول سريانية مثال «كرع، لهط كش، نتع ونكش وغيرها». ولو سألت اللبنانيين أنفسهم ما أصل تلك الكلمة أو ذاك فالأغلب لا يعلم وإذا عصى عليه الجواب سيرد عليك ساخراً «يمكن أصلها سرياني، كيف بدي أعرف؟!».

وفي الوقت الذي كنت أعتقد بأن اللغة السريانية قد اندثرت منذ زمن بعيد، فقد علمت أيضاً أنها تلقى اهتماماً من قبل حكومة إقليم كردستان العراق، إذ إنه يوجد مديرية عامة للتربية والتعليم السرياني، وتوجد أقسام في بعض جامعات بغداد وجامعة صلاح الدين في أربيل لتعليم اللغة السريانية، وأيضاً تلقى الرعاية في بعض المناطق السورية. هذا دليل أنها لم تنقرض كما كنت أنا والأغلبية معتقدين!!

وفي الختام على بالي أن أشارككم مثلاً من وحي شهر تشرين الأول يقول «في نهاية تشرين ودّع العنب والتين» وإن شاء الله تكون سنة خير على الجميع.