أمر إيجابي ويثلج الصدور أصدره صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله بالأمس يقضي بإلغاء تصريح «العمل المرن» المرتبط بالعمالة الوافدة.

سموه أمر هيئة تنظيم سوق العمل بإلغاء هذا التصريح الذي استمر تطبيقه لعدة سنوات، وأمر بتوفير البيئة المناسبة للعمال بما يراعي حقوقهم ويزيد من فعالية دورهم في التنمية الاقتصادية، كما أمر بتسجيل كافة العمالة الوافدة وتكثيف حملات التفتيش وتشديد التعامل مع المخالفين سواء العمال أو أصحاب العمل، وفي نقطة بالغة الأهمية أمر بربط رخص العمل المهنية بالمعايير والمؤهلات.

تصريح العمل المرن الذي طبق سابقاً استجلب كثيراً من ردود الأفعال، وكثيرٌ من الناس رأوا فيه جوانب سلبية خاصة حينما يرتبط بالعمالة التي تعمل في المنازل، سواء أكانت في وظائف المربيات أو خدم المنازل أو السائقين وحتى الطباخين إلى غيرها من وظائف ترتبط بالمواطن في منزله.

طبعا، ناهيكم عن الأمور العديدة التي ارتبطت بالعمالة الوافدة التي أصدرت التصريح المرن وباتت تجول في البلاد وتعمل في أعمال متفرقة، وبعضها أخذ يخرج من مظلة العمل عند أصحاب الأعمال، وبدأ يفتح مشاريعه الخاصة وبأسعار رخيصة جداً أضرت بأصحاب الأعمال.

في مشهد رأيته بعيني عند أحد المدارس الخاصة، تخيلوا أن هناك ترصداً للمربيات من قبل بعض أولياء الأمور الذين يأخذون أبناءهم بأنفسهم! تخيلوا أن هناك عروضاً مغرية تقدم لهم بكل صراحة وبشكل مباشر، وفجأة تجد أن مربية أبنائك أو الخادمة تريد تركك لتنتقل «انتقالاً حراً» لبيت آخر، أو لأنها تريد أخذ التصريح المرن و«تجرب حظها» بالحصول على عمل هنا وهناك عبر «التجول» في كافة أرجاء البحرين.

إلغاء هذا التصريح خطوة صحيحة تماماً في إطار حل مشكلة تزايد أعداد العمالة في البحرين، وبالأخص العمالة «السارحة» بترخيص أو «المتجولة» من دونه، والأخيرة هي التي يجب ضبطها وإنهاء وجودها غير الشرعي، وهنا جانب هام أيضاً معني بمن يستعين بغير المصرح لهم العمل لقضاء أعماله المختلفة سواء في البناء أو الزراعة أو غيرها من أعمال.

قبل يومين يقول لي شخص إننا قبل سنوات لم يكن التعداد السكاني الخاص بالمواطنين وحتى الأجانب يتجاوز المليون، فهل من المعقول أن نصل اليوم لرقم يتجاوز المليون ونصف، بحيث وصلت نسبة البحرينيين إلى أقل من 50٪! هذا تضخم خطير جداً وله تداعياته بالتأكيد.

اليوم يفترض أن يكون الهدف هو تقليل عدد العمالة، والبدء بإنهاء من لا يقيم بشكل قانوني خطوة أولى، وإلغاء هذا التصريح المرن الذي حولهم إلى «عمال متجولين» خطوة أخرى هامة، وتأتي في مرحلة ثالثة عملية الإحلال الصحيح للمواطنين، وفي النقطة الأخيرة هناك من يتعذر بأن البحرينيين لا يمكن أن يقبلوا العمل بكثير من الأعمال التي تقوم بها العمالة، وهذا قول نسبي غير جازم، إذ من جزم بذلك بشكل قاطع، وهل جربتم البحرينيين في كثير من الأعمال المعنية؟!

أما النقطة الهامة جداً في أمر الأمير سلمان حفظه الله فهي تلك المعنية بربط رخص العمل المهنية بالمعايير والمؤهلات، وهذا ما أفسره على أنه تعزيز للتوجه الإيجابي بالوصول لنسبة إبدال عالية للأجانب بالكفاءات البحرينية في شتى المواقع، خاصة في القطاع الخاص.

أتذكرون تلك التقارير العديدة التي تكشف أن البحرين باتت مكاناً محبباً للأجانب ليعملوا ويعيشوا فيه؟! هذه تقارير تكشف حقيقة نعرفها تماماً، فكثير من الأجانب الذين يقدمون للعمل في مؤسساتنا العامة أو الخاصة، وبالأخص الأخيرة، وتحديداً تلك التي تمنحهم مناصب عليا وبدلات عديدة جداً، هؤلاء ما الذي يجعلهم يفكرون بالمغادرة؟ ما الذي يجعلهم أصلاً يدربون أي بحريني مؤهل وهم يدركون أنه قد يأتي يوم يأخذ فيه مواقعهم منهم، بالتالي يتعين عليهم المغادرة والعودة لبلادهم والعيش بأسعارهم هناك وضرائبهم المرتفعة بالأخص ضريبة الدخل؟!