سطّر شعب مملكة البحرين أروع الأمثال والعِبر بعد أن أثبت للجميع بأنه شعب واعٍ وصاحب رأي لا يمكن تشتيته، وأثبت للحاقدين بأنه شعب يضع نصب عينيه مصلحة وطنه وعزته في المقام الأول دون أن يلتفت للدعوات الحاقدة واليائسة. ولعلّ أصحاب النظرة السوداوية لا تقنعهم الأرقام والنتائج الرسمية، لذا يذهبون للتشكيك والتلفيق، مكذبين أعينهم عن حقائق الظاهرة، والتي لا يمكن اختلاقها أو تدليسها، وأولها حقيقة حجم المشاركة الشعبية في مختلف محافظات المملكة.

وهنا لن أنقل ما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية بل سأصف ما لاحظته مع كثير من الأطراف المحايدة حيال مشاركة الناس في هذا الحدث، طوابير من الناخبين تواجدت قبل فتح أبواب اللجان في انتظار إذن السماح لهم بالدخول، يمكنك ملاحظة وجوههم التي تملؤها الابتسامة والشعور بالسعادة، يمكن ملاحظة توافد الناس الذي لم ينقطع طوال فترة الـ12 ساعة، فليس هناك ساعة معيّنة يمكن أن نصفها بأنها فترة ميتة أو قليلة الحضور، بل تواصل دائم يمكن وصفه بأنه مختلف عن الأعوام السابقة.

المناطق التي راهنت عليها الأصوات المحرضة الداعية للمقاطعة أثبتت أنها أصيلة بانتمائها لهذا البلد ولديها ولاء تام لهذه الأرض وقيادة البلد، وأن مبدأ الحب والولاء لا يكمن في منطقة معيّنة ولا في طائفة معينة ولا في دين معين، بل يتأصل في جذور وقيم أهل هذا البلد الطيب.

وهناك نقطة أخرى مهمّة تؤكد أن شعب مملكة البحرين هو من اختار وحدد ممثليه في البرلمان والمجلس البلدي، فأغلب الوجوه السابقة في مجلس النواب سقطت بسبب الإرادة الشعبية، وأن كل المحاولات والافتراءات التي حاولت التشويش على رأي وإرادة الناخبين عن طريق الإشاعات والتلفيق باءت بالفشل، فلم يعد اليوم الناخب البحريني يتأثر بالقيل والقال، مدركاً بذلك بأن هذه الفترة المهمة تشهد أجواء فيها بعض الشخصيات المريضة التي تجد قوتها في تشويه الطرف الآخر.

نعلم بأن ما حققته مملكة البحرين وشعبها في هذه الانتخابات نصر كبير وشاهد على التاريخ السياسي للبلد، وأن هذه اللحظة لن يتقبلها بعض الحاقدين والمحرضين، ففي الأخير كل ما يريدونه هو السباحة عكس التيار، متناسين بأن حتى لمفهوم المعارضة أصولاً وشرفاً، وأولها أنك لست بمجبر بالسير في نفس الطريق ولكنك متّجه إلى نفس الهدف «مصلحة البحرين».