في الرابع من شهر أكتوبر الماضي زدت شرفاً بلقاء حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، في معية أصحاب المعالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس الوزراء، والفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة، حفظهم الله، والإخوة في جمعية الحكمة للمتقاعدين، وقد تسلم جلالته من أصحاب المعالي نسخة من كتاب «الشيخ عبدالله بن خالد.. الداعية والمفكر والمؤرخ» الذي تشرفت بتأليفه، كانت لحظات يصعب عليّ التعبير عنها لما فيها من فخر واعتزاز باللقاء التاريخي بجلالته والرفقة الجميلة الطيبة.

جلالة الملك المعظم كعادته تحدث إلينا حديثاً شيقاً وبمحبة، حديث القلب للقلب حول أهمية التوثيق في حياة الشعوب في عالم يموج بالتطورات والإنجازات البشرية التي حققتها العقول النيّرة بتجرد ونكران الذات مدفوعة بحب الأوطان وخدمة للإنسان، فلم يكن غريباً على جلالته حبه للبحرين ولإنسانها المتميز عندما أفرد حيزاً مهماً في حديثه عن تفرد وتميز الإنسان البحريني، مشيراً جلالته إلى الإصدارات البحرينية في كافة المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والفكرية والمعرفية عموماً التي تصدر في كل عام مقارنة بعدد السُكان هو مصدر سعادة غامرة، إن العبارات الجميلة التي عبر بها جلالته عن اعتزازه بالإنسان البحريني لم أجد مثيلاً لها في الواقع، فلم أرَ ملكاً أو رئيساً أو أميراً في العالم يمتدح شعبه ويفتخر به كل هذا الفخر والاعتزاز الذي لمسته من حديث جلالة الملك حمد حفظه الله ورعاه.

إن حديث جلالة الملك المعظم حول أهمية التوثيق بالنسبة للبحرين ورجالها الأفاضل ونسائها الماجدات يحفزنا جميعاً على الأخذ به، خاصة وأن هناك الكثير من الشخصيات البحرينية الفذة التي أسهمت في ماضي وحاضر البحرين لم تجد نصيبها من التوثيق، ذلك لأن التوثيق يلعب الدور الكبير في تطور الأمم والدول والمجتمعات، فإن مسؤوليتنا في هذا الصدد هي عظيمة جداً وهي أمانة في أعناقنا للأجيال القادمة أن نوفر لهم الكتب التوثيقية التي تعينهم على المسؤولية الوطنية، لتكون خير شاهد على ما مررنا به من تطورات، فعندما يكون التوثيق على لسان المعاصرين لهذه الأحداث يكون ذا مصداقية ويصور الوقائع كما هي بجميع حيثياتها.

مملكة البحرين برغم صغر مجتمعها إلا أن تاريخها ضارب في القدم والشواهد الحضارية على ذلك كثيرة، كما أن المجتمع البحريني ذو طبيعة حيوية فهو ناشط ومُنجز وهو صاحب ريادة ثقافية ومعرفية وأن البحرين في الوقت الحالي أنجزت الكثير من الإنجازات وعلى كل الصُعد، لكن للأسف لم يوثق للكثير منها، وأن الإنسان البحريني له اجتهادات كثيرة على مدار التطور التأريخي وحتى الوقت الراهن، فكل الذين مروا على هذه الجزيرة يعرفون ما يتسم به إنسان البحرين من صفات قل وجودها في المنطقة وعالمنا العربي.

إذا كان لي من كلمة أخيرة فهي كلمة شكر وتقدير لأصحاب المعالي أبناء الفقيد الراحل الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة على الشرف العظيم الذي قلدوني إياه بأن أخط قلمي في سيرة هذا الرجل العظيم، الذي من خلاله دخلت مدرسة في العرفان وفي الأدب وفي عمل الخير وفي التربية والالتزام الديني والوطني، ثم مرافقتهم للقاء جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه.