عرفت مملكة البحرين منذ القدم بأنها واحة للأمن والأمان والسلام وهذا ما جعلها تكون مقصداً للهجرة من قِبَل أجناس كثيرة من بقاع الأرض، حيث إن الأمن ينتج عنه الاستقرار وهو بدوره يجعل الإنسان يعمل ويكدح ويتآلف مع من يعيشون معه وإن اختلفوا في الجنس أو اللون أو القومية، يقول الحق سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، «سورة الحجرات: الآية: 13».

وإننا في مملكة البحرين كذلك يقودنا الملك الثاقب البصيرة، حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، الذي يُعدّ نموذجاً حيّاً في تواصله الدائم مع جميع فئات وطوائف المجتمع ومشاركته لهم في مناسباتهم الدينية والاجتماعية، وهو بذلك يحيي عادات وتقاليد متأصلة في هذا المجتمع والقائمة على الترابط بين الحاكم والرعية، وهو نهج اتسمت به البحرين منذ القِدم وسار على نهجه الأجداد والآباء من حُكّام ومحكومين وأصبحت به البحرين حقّاً أيقونة سلام.

ولعلّ أهم العوامل التي ساعدت على ذلك العامل الجيوبولوتيكي، حيث إن الموقع الجغرافي لمملكة البحرين كأرخبيل من الجزر تقع في وسط دول الخليج العربية والجزيرة العربية أهّلها لأن تكون محطّةً لتجارة الترانزيت، وهذا بدوره ساعد أن يستقرّ المقام بها لكثير من الأجناس وأوجد في تكوينها السكاني ذلك التنوع وفرض عليهم أن يعيش الجميع في وئام وأمان وسلام، واندمج في هذا التكوين الثقافي عبر التاريخ فئات عديدة من الأجناس والأديان والطوائف والمذاهب الدينية، فكانت بحقّ أرض السلام والأمان وعرفت مقومات الحضارة الحديثة منذ زمن بعيد، فكان فيها المسجد والمأتم والكنيسة متجاورين في المكان، كلّ يشدّ عضده بأخيه الآخر بكلّ حبّ واحترام.

وعلى الرغم من تعرّض البحرين لأطماع لكثير من الغزاة من الشرق والغرب إلا أنها ظلّت باقية بسلام وأمان محفوفة برعاية المولى، ودمت بلدي دوماً واحة أمن وسلام.