يبدو أن الإدارة الأمريكية لم تستطع إلى هذه اللحظة احتواء البحر الأحمر وحمايته من الاستفزازات والهجوم الحوثي على الممر البحري وهو باب المندب، فقد شهدت المنطقة هجمات حوثية بشكل يومي على ناقلات الشحن وكان آخرها ناقلة النفط روبيمار والتي تحمل 21 ألف طن من سماد كبريتات الأمونيوم حسبما أفادت القيادة المركزية الأمريكية، كما كشف عن تخريب أربع كابلات بحرية تعتبر أحد أهم شرايين الإنترنت في العالم.

إن من ينظر إلى ما يحدث في البحر الأحمر من جانب العمليات العسكرية والخطط التي تم وضعها، يجد أنها تجري بناءً على معلومات دقيقة، وهي أن إمكانيات الحوثي من الأسلحة والصواريخ والتقنيات التي تم تزويده بها من قبل إيران تجعله في وضع الهجوم على تلك السفن، غير أنه وبحسب الهجمات التي تقودها واشنطن ولندن على الحوثي لا تجد أي منصات دفاع جوي، وبالتالي فإن الأجواء اليمنية من صنعاء يمكن ضرب الأهداف بسهولة، في المقابل يصف بعض الخبراء العسكريين أن هناك نقصاً حاداً بالمعلومات اللازمة بشأن الأهداف المراد ضربها وهي مخازن التسليح، وهذا ما يجعل من الصعب إضعاف إمكانيات الحوثيين.

وفي ظل ذلك، تحدثت تقارير إعلامية عن تأثر الشركات الأوروبية والبريطانية مع وجود قلق من الحكومات الصينية والهندية من تصاعد التوترات في البحر الأحمر، حيث إن ممر باب المندب يمر فيه حوالي 10٪ من التجارة العالمية، وفي ذات السياق فإن جمهورية مصر العربية وعبر قناة السويس قد تأثرت من تلك الأعمال وانخفضت إيرادات القناة بسبب اتخاذ شركات الشحن ممرات أخرى أكثر أماناً.

النقطة التي أود إيصالها، أن استمرار الحوثي بذات النهج والسياق ووسط تأكيدات وبمصادر ذكرتها صحيفة الشرق الأوسط أضف إلى الصحف الغربية يفيد بأن هناك أفراداً من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني هم من يقودون عمليات الاعتداء على ناقلات النفط والقطع البحرية العسكرية الموجودة مما يعطينا مؤشراً بأن ما لدى الحوثي أكبر بكثير مما يُنشر في وسائل الإعلام.

بمعنى أن منطقة البحر الأحمر وفي ظل المعطيات الحالية ستشهد مواجهة بين الحوثي والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأمريكا أضف إلى الدول المشاركة في التحالف في مرحلة ما، ومن جانب آخر هناك أطراف لها مصالح في استمرار التصعيد على مضيق باب المندب، مما يجعل بعض الدول تنصح بأهمية احتواء الحوثي في هذا التوقيت في ظل ما تشهده حرب غزة، والآخر يتجه إلى أهمية اجتثاثه لتأثيره الكبير على الاقتصاد العالمي.

لكن الواقعية في الحل هو أن مسار الاحتواء قد فات وقته، فالحوثي مجهّز بالأسلحة والذخائر والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطوربيدات بالإضافة إلى أسلحة لم يكشف عنها إلى هذه اللحظة، وعملية الاجتثاث لا تأتي إلا بتوافر معلومات استخباراتية مؤثرة على ميدان المعارك، وهذا ما يجعل قوات الردع تجد صعوبة في الحصول عليها، إذ إن استمرار العمليات العسكرية الحالية يتطلّب أن تغير نهجها وفق المعطيات الحالية، فالهجمات الجوية لن يكون لها تأثير بحجم الدخول البري عبر الشركاء من داخل اليمن، وهذا لن يتحقق إلا باتفاق اللاعبين الأساسيين بالمنطقة.