نحن بحاجة إلى ضرورة المراجعة للقيام بدراسة مستفيضة لمخرجات الصروح الوطنية والمباني التي تعمل على نفس الهدف في مقابل حجم ومساحة سكان المنطقة لتوحيد الجهود، والميزانيات حتى نستطيع تحقيق الكثير من الخطط، والبرامج والإستراتجيات بما يتوافق مع التطور القائم حالياً، وحتى لا يعطل تشغيل المباني الجديدة بسبب الميزانيات وتصاب الموارد البشرية فيها بالإحباط الذي يشكو منه الكثير، ومنها يتوقف تحقيق الهدف المنشود من وجود هذه المباني.

حيث إننا نواجه اليوم العديد من التحديات في ظل التطورات المعاصرة، وفي مقابل هذه التحديات وجدت الكثير من الآليات التي أخذت من وقتنا، وجهدنا، ومالنا، الكثير؛ فمن هنا نحتاج إلى وقفة مسؤولة للمحافظة على الاستمرار على مستوى هذه الجهود التي تبذل، إن لم نكن قادرين على تخطي هذا المستوى، وألا نصعد في مقابل خسارتنا للجهود السابقة وبالتالي عدم القدرة على الاستمرار ومواجهة التحديات الجديدة والقديمة منها.

أقول هذا الكلام من واقع المسؤولية الوطنية لأننا نرى اليوم الكثير من الصروح والمباني التي تقام ويصرف عليها الكثير من الميزانيات دون أن تكون هناك دراسة حول النتائج المستقبلية لمخرجات هذا الصرح والهدف المنشود من بنائه، ومدى الحفاظ على استمرارية نجاح هذا الصرح ومخرجاته وما يحققه من عوائد مادية واقتصادية للدولة، وخصوصاً إذا احتاج إلى موارد بشرية تقوم على تحقيق هدف هذا الصرح والتي بدورها تحتاج إلى موارد مالية مقابل جهودها وموارد مالية أخرى تشغيلية لهذا الصرح الوطني.

فمع كل صرح وطني يخطط لبنائه لا بد من أن يكون في المقابل له توفير الميزانية المطلوبة لتشغيله قبل بنائه والمخصصة لإستراتجيات العمل التشغيلي له من خطط وبرامج ومصروفات خاصة للقائمين عليه من موارد بشرية ومتطلبات مادية حتى لا يتعثر عمل هذا الصرح في نصف الطريق، ويصاب المؤسسون للعمل فيه بالإحباط والتراجع وعدم التقدم في الفكر والإبداع، حيث ينتقل العمل فيه إلى العمل التقليدي المحبط للمفكرين والمبدعين.

فنحن اليوم أمام معضلة صعبة المعادلة تتضمن مواكبة تطور + نهضة اقتصادية + معالجة بطالة + ميزانيات محدودة+ كفاءات عالية المستوى+ مخرجات بسيطة + زبائن محدودين+ سوق عمل بتخصصات فكرية فائضة أكثر من تخصصات علمية تطبيقية مهنية محدودة + زيادة سكانية + سوق اقتصادي محدود وزيادة في المباني وقلة في التشغيل.

فهناك مجمعات تجارية وأسواق ظهرت وبرزت وتراجعت وهجرت وأصابها الركود ومثلها مبانٍ سياحية وعلمية وتراثية وحكومية ورياضية، وغيرها لذا كان من الضرورة القيام بالمراجعة وحصر أهداف هذه المباني وتوحيدها لتدرج ضمن ميزانية عمل وخطة تشغيل واحدة لتحويلها وتشغيلها في أهداف وطنية أخرى دون السعي للبناء الجديد الذي يستنزف الجهد والمال ويؤدي إلى متطلبات مالية جديدة وميزانيات مضافة وتضييق في المساحات وغيره من تبعات.