فضل بناء المساجد عند الله كبير، فهو اقتداء بهدي نبينا عليه الصلاة والسلام الذي بني مسجد قباء قبل أن يكمل طريقه إلى المدينة، وبنى مسجده في المدينة ليكون أول أعماله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إليها. فالمساجد مكانتها الاجتماعية والتعبدية كبيرة في حياة المسلمين وهي المكان الذي يستمدون منه طاقتهم الروحية لينطلقوا بعد ذلك للقيام بواجباتهم في هذه الدنيا.

ومنذ اليوم الأول من شهر رمضان قررت أن أؤدي بعض الصلوات في مساجد بعيدة عن منطقة سكني، والهدف هو اكتشاف التطور في حركة بناء وصيانة بيوت الله في البحرين، والاطلاع على ما تم تشييده أو صيانته من مساجد خاصة بعد أن زاد عددها بشكل ملحوظ بفضل الله وبفضل توجيهات صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. وبدأ مشوار التنقل بين المساجد مع جامع أبو بكر الصديق المطل على شارع المعارض في العاصمة المنامة وأعجبت كثيراً بالتحسن الكبير الذي طرأ على شكله من الداخل بعد أن شهد عملية ترميم وصيانة طويلة شملت تركيب مكيفات مركزية وثريات وأبواباً خشبية جديدة وسجاداً فخماً والكثير من التغيرات.

واكتشفت أن عائلة الكوهجي الكريمة تكفلت مشكورة بالترميم والصيانة وصرفت على إعادة التأهيل بكل سخاء، فهنيئاً لها الأجر والثواب، وهنيئاً للمصلين هذا الجامع المجدد وعسى أن يحافظوا عليه وعلى مرافقه. وأتمنى من القائمين على الجامع منع استخدامه كاستراحة للنوم قبل وبعد الصلوات كما كان يحصل سابقاً، والتشديد على المصلين على التعامل مع المضيئة ودورة المياه بأقصى درجات الحرص كي لا تتعرضان للعطب سريعاً، وحبذا أن يتناوب عدد من المشرفين على الجامع للمراقبة ولضمان المحافظة على مرافقه.

والزيارة الأخرى كانت لجامع السيف والذي يستقبل رمضان هذا العام بحلة جديدة بعد أن طالته صيانة شاملة أيضاً من ضمنها تغير السجاد وتركيب أرضيات جانبية من البلاط. وقد أضاف كل من السجاد والممرات الجانبية لمسة جمالية راقية للجامع الوحيد في تلك المنطقة. ويستحق صاحب الأيادي البيضاء السيد خالد فؤاد الخاجة الشكر الكبير على الاهتمام بهذا الجامع المهم في وسط أبرز المناطق التجارية في البحرين والذي يرتاده أغلب زوار ضاحية السيف، وكذلك على حرصه على تنظيم الإفطار الجماعي يومياً فيه وتوزيع الوجبات للمحتاجين بكل سخاء و لوجه الله تعالى، جعل الله هذه الأعمال في ميزان حسناته و اكثر الله من أمثاله.

ومن المساجد التي لفتت انتباهي أيضاً مسجد (مال الله) في ديار المحرق التي تشهد هي وقلالي والحمدلله طفرة في عدد المساجد والجوامع وفي كل حي من أحيائهما. وهذا المسجد الجديد والمصمم تصميماً مريحاً للمصلي يحتوي على مرافق حديثة وسهلة في الاستخدام. وينشرح قلب المصلي عند دخوله هذا المسجد على الرغم من صغر حجمه فكل شيء فيه في غاية الترتيب والأناقة.

وهناك العديد من المساجد الأخرى لا تسعني المساحة لذكرها، لكن أجد نفسي ممتناً للجهود التي تبذل لتعمير المساجد والجهود التي تطور وتحسن القديم منها لجعلها مهيئة لاستقبال المصلين، فهذه الجهود أجرها عند الله عظيم وأثرها على الناس كبير فهي تسهل عليهم أداء الصلوات في المكان المخصص لها، وتوفر لهم مساجد نظيفة وحديثة تليق بالمسلمين وتعكس وجهاً حضارياً للبلد وقد ذكر في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة.