إن كنت بالفعل تحب وطنك وتدرك أن عليك مسؤولية تجاهه، نابعة من انتمائك وولائك لترابه، فلابد وأن تزرع هذا الشعور والانتماء في أبنائك، بل تغرسه غرساً.

نقول «لابد»، لأن هكذا يُحافظ على الأوطان من الضياع، ومن أن تكون عرضة للتهديدات وتضعف أمامها. وهنا علينا الإدراك بأننا لو فشلنا في صناعة تعاقبٍ للأجيال المحبة لهذه الأرض والمخلصة لها، فإننا نخاطر بإضاعة كل شيء.

لذلك فإن من أبسط الأمور التي يجب أن يستوعبها أبناؤنا، ويتعاملون معها بأريحية دون تخوف، هي علاقتهم مع المنظومة الأمنية، مع الشرطة، مع شرطة المجتمع، مع أي شخص يمتلك القدرة بالقانون على حفظ النظام وردع الجريمة وحماية الناس.

وأنت صغير، وهذا ديدن الأطفال كلهم بلا استثناء، هناك نظرة مختلفة لرجال الشرطة، إذ دائماً هناك ترقب وحذر، وإدراك بأننا لو فعلنا شيئاً خاطئاً، فإن رجل الشرطة سيحاسبنا. وكذلك يستخدم الآباء هذه النقطة لضبط سلوكيات أبنائهم، ولربما كلنا قلناها: «بتقعد عاقل، أو أنادي الشرطة»؟!

حتى في هذا الاستخدام نحن نرسل رسالة عميقة، مفادها بأن ضبط الأمور والنظام مرتبطة بالمنظومة الأمنية وبرجال الشرطة، فهم مطبقو العدالة، والمتصدون للخطأ.

وجود منظومة أمنية، ووجود رجال شرطة أكفاء، كلها «عناصر قوة» لك يا مواطن، إذ بها تعيش في أمن وسلام، وتضمن الحماية لوطن وممتلكاتك، وتأمن شر من يعاديك ويستهدف ترابك. ولذلك هذه الثقافة بشأن دور المنظومة الأمنية يجب أن نربي عليها أبناءنا، ويجب أن نبين لهم إيجابيتها وفوائدها الكبيرة على المجتمع وعليهم كأفراد.

هنا ننطلق لمرحلة أعمق وأكبر، وهي تلك التي تبين أُطر الواجبات والمسؤوليات التي تصنع ”معادلة أمنية» طرفاها المواطن ورجل الشرطة، والتي تجمع الاثنين في خدمة هدف واحد، وهو حفظ الأمن والنظام العام والتحلي بالمسؤولية تجاه هذا الوطن.

لذا كانت المبادرات العديدة في اتجاه تعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة وإشراك المواطن في حماية الوطن عبر تعاونه مع الشرطة وإدراكه للدور الذي تلعبه، وهو الأمر الذي أكد عليه معالي وزير الداخلية الرجل القوي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة خلال كلمته بمناسبة يوم الشراكة والانتماء الوطني، والذي اعتمدته مملكة البحرين سنوياً في الثامن عشر من مارس.

وزير الداخلية بين أن العهد الزاهر والحكم الرشيد لجلالة ملكنا الغالي خلق سلوكاً بحرينياً أصيلاً يعزز الانتماء والولاء لهذه الأرض، وبناء على ذلك، فقد اتخذت البحرين خطوات كبيرة في هذا الاتجاه، فتأسست شرطة المجتمع لتكون بمثابة الشرطة الاجتماعية الودودة المتفاعلة مع مختلف شرائح المجتمع، كما أُطلقت الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ القيم ”بحريننا»، والتي صنعت بالفعل شراكة مجتمعية لحماية هذا الوطن والحفاظ عليه وترسيخ قيمه الأصيلة والإنسانية، شراكة فيها تعاضد وتكاتف بين أفراد المجتمع وعناصر الشرطة، في مشهد رائع يُحسب للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك.

علموا أبناءكم حب هذا الوطن، وأن عليهم مسؤولية تجاهه، وأنهم أيضاً يقدرون على حمايته مثلما يفعل رجال الشرطة، عبر الشراكة الفاعلة معهم، فبدونهم لم يكن للوطن أن يصل لمستوى الأمان والطمأنينة الحالية، ولما قلت نسبة الجرائم إلى نسب متدنية، ولما استطعنا أن نتقدم ونزدهر مجتمعياً واقتصادياً وسياحياً، ولما استطعنا أن نعيش!