تبذل الوزارات جهداً كبيراً من أجل كسب ثقة المواطن وإزالة الشك الذي يسود العلاقة بينهما والذي يظهر في تعليقات البحرينيين والتي تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي بأشكال مختلفة "فيديو، رسائل صوتية، تعليقات تحت البوستات إلخ"، وهي -على فكرة- أصبحت الوسيلة الوحيدة التي بقِيَت متنفّساً لهم والخارجة عن الضبط.

ويحاول النواب أن يستمعوا للوزارات، فيطرحون الأسئلة ويجتمعون بهم من أجل الاقتناع بأن تصريحات الوزراء حقيقية وأن أرقامهم لديها من الإثباتات والأدلة وليست أرقاماً مطلقة في الهواء، كي ينقلوا هذه القناعة للمواطنين فتقترب المسافة.

تنجح تلك المحاولات أحياناً ثم تأتي أخبارٌ خارج نطاق التصريحات الرسمية تُعيد الشكّ من جديد، مثل خبر احتراق منزل سترة "رحم الله موتاهم وأحسن الله عزاءهم" وهو منزل مساحته لا تزيد عن 150 متراً مربعاً تقطنه أربع أُسر عدد أفرادها 15 شخصاً، ثم خبر ثانٍ لا علاقة له بالأول لكنّه يحمل عنصراً مشتركاً بينهما وهو ما صرّح به أحد النواب نقلاً عن وزير العمل بوعده بتوظيف عاطل من كلّ أُسرة بها أربعة عاطلين، خبران منفصلان لكنهما يحملان رقم أربعة كقاسم مشترك، إنما القاسم الأقوى بينهما أن تلك الحالتين هما الأقرب "للانطباعات" الشعبية عن أوضاع غالبية الأُسر البحرينية!!

من خلال وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع أن تتلمّس ما يفكّر به الناس، بأن "أغلب" الأُسر البحرينية تعيش في بيوت مكتظّة، وأن "أغلب" الأُسر البحرينية بها شباب عاطلون، أي أكثر من عاطل في الأُسرة الواحدة، وذلك وضعٌ يتنافى مع التصريحات الرسمية التي تبذل جهوداً لتأكيد بياناتها.

فإن كان الردُّ الرسمي سيقول إن تلك حالات استثنائية، أي أن البيوت التي بها 15 فرداً في مساحة 150 متراً مربعاً، والبيوت التي بها أربعة عاطلين ما هي إلا حالات استثنائية لا يُقاس عليها ولا تُعمَّم، فالسؤال الذي يفرض نفسه هل تعرفون كم يبلغ عددها؟ بمعنى هل هذه الشريحة الاستثنائية مرصودة؟ والقول بأنها استثنائية مُدعَّم بالدراسات والإحصائيات؟

فالخروج بنتيجة مُسبقة والقول بأنها استثناءات لا يُعفينا من حصرها والتعامل معها بشكل منفصل، هذا إذا ثبت أنها استثناءات أصلاً وليست ذات نسبة عالية، فالجواب على هذا السؤال من شأنه أن يسدَّ الفجوة بين التصريحات الرسمية وبين من يبذل جهداً لتكذيبها.

ناهيك أن هذه الشريحة أياً كان عددها أو نسبتها فإنها تحتاج إلى خطط منفصلة لأنها تُعتبر حالات شديدة الاحتياج، حالات لا تنطبق عليها ظروف الانتظار العادية، فهل تمّ حصرها؟ هل وُضِعت في الاعتبار كالأولويات؟ هل لها خطّة منفصلة؟

الطرفان "الوزارات والمواطن" بحاجة لبذل جهود أكبر من أجل سدّ الهوّة المتّسعة بين الاثنين، وبناء جسور الثقة، وجود حالات كتلك التي ظهرت وكأنها كانت تحت السجادة وظهرت في غفلة سيتكرر، وإنكار وجودها أو الجزم بأنها استثنائية دون أن يثبت ذلك بالدراسات الميدانية والإحصائيات الموثّقة من شأنه أن يُعمّق الهوّة بين الطرفين، ومن شأنه أن يكون مادةً دسمة لمن ينتظر الزلّة على الوزارات.