مررنا بيومين من التناقض حملا معهما حدثين، أحدهما متعلق بالشأن الدولي والآخر بالشأن المحلي، التناقض لم يكن متعلقاً بالشأنين ذاتهما، بل بالتعليقات والرأي العام ووجهات النظر لذات الشخوص الذين ساهموا في تقديم آرائهم في الحدثين المحلي والدولي.

في الشأن الخارجي اصطف المعلقون بين معارض وبين مستنكر وساخر لما فعلته إيران من عبث ولهو في ما يسمّى بردها -المضحك- على إسرائيل، حيث اختلف المغردون والناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، بين ساخر ومدافع، وذلك أمر طبيعي خاصة لمن يؤيد إيران عاطفياً ومذهبياً وبين من يرى بها أنها دولة عبثية لا تملك إلا التصريحات والتهديدات والعبث بعقول الشعوب وعواطفهم.

أما في الشأن المحلي فإن الأمر اختلف تماماً، فبعد موجة الأمطار والأحوال الجوية وما صاحب تلك الأحوال من تجمّعات لمياه الأمطار وتعطّل بعض المركبات أو علقها في المياه أو تأثر بعض المنازل من كثافة الأمطار فإن التعليقات بل والتصرفات كانت معاكسة تماماً لما كانت عليه في الشأن الخارجي، حيث شاهدنا التكاتف والتلاحم والتعاون بين الجميع، بل وأكثر من ذلك عبر خروج الأهالي لمساعدة بعضهم بعضاً، فمنهم من هب لسحب المركبات المتعطلة وسط المياه، ومنهم من يملك قاطرات السحب واستخدمها للمساعدة مجاناً، ومنهم من دخل منازل جيرانه ليقدم المساعدة، ومنهم من تطوّع لسحب المياه من الطرقات، ومنهم من أزال أنقاض النخيل ومظلات السيارات التي سقطت بسبب قوة الرياح، والبعض لجأ لمواقع التواصل الاجتماعي ليعرض مساعدته لمن هم بحاجة لها، واتفقت كافة التعليقات على دعم الجميع للجميع في ظل الأجواء المناخية المتقلبة والمفاجئة.

ذلكما أمران مختلفان تماماً كاختلاف ردود الفعل معهما، فالأول شهد اختلافاً، بينما الأمر الثاني شهد تكاتفاً وهو ديدن أهل البحرين، فأهلها مجبولون على المحبة والتعاون، لا على الخلاف والاختلاف، وهذا أمر يضعنا أمام طريق واحد لا غير، وهو أن نترك السياسة الخارجية والدول الأخرى في شأنها ونكتفي بأمورنا وشؤوننا دون أن نضع تعليقاتنا على سياسات دول أخرى لا ناقة لنا بها ولا جمل. علينا أن نعود إلى الإرث الذي تركه لنا الآباء والأجداد من تآخٍ وتواد ومحبة، فشؤوننا هي التي تجمعنا وتزيد من تعاضدنا، وما حصل فجر الثلاثاء خير شاهد على أصلنا الطيب ومحبتنا لبعضنا بعضاً بعيداً عما يجري على الساحة الدولية.

باختصار، دعونا لنعيش واقعنا المحلي بمحبة، ولندع ما يجري بالخارج لمن هو أهله واختصاصه، ولنذهب إلى ما يجمعنا لا إلى ما يفرّقنا.