إن القمة العربية كشفت عن الكثير من المعاني التي سلطت عليها الأضواء الإعلامية لتعطي تفسيراً عميقاً لما هو بين السطور بأبعاد واسعة المدى حيث القوة العربية وتحركاتها الإستراتيجية القادمة للتصدي للمواجهات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسة وغيرها وما هو قائم في الوقت الحالي.

القمة العربية كانت عنواناً بمضمون ثقيل موزون مدروس عبر عن مطالب شعوب عربية قوية لها كلمة صارمة أولها وأساسها الأمن لحفظ حق الحياة لهذه الشعوب وغيرها من شعوب الدول المجاورة والصديقة والشقيقة والحليفة حيث المصلحة العامة في جلب المنافع ودرء المفاسد.

كما أسدلت القمة العربية الستار عن الكثير من التصريحات الإعلامية التي جاءت قبل القمة العربية وبعدها بكلمات وعبارات ذات مضمون يعبر عن القوة العربية والرسائل المستهدفة منها حيث هي المفردات الإعلامية المستخدمة كالإستراتيجية العربية الموحدة، الوحدة العربية، التكامل العربي، التعاون العربي، التضامن العربي، النظام العربي، الرؤية العربية، التخطيط العربي، التنسيق العربي، الأمن العربي، المشاريع العربية، الاقتصاد العربي، التجارة العربية، السياحة العربية، الأمن الغذائي العربي، رؤوس الأموال العربية، الاتفاقيات العربية، العمل العربي المشترك، الآليات العربية، التجارة العربية، الموقف العربي المشترك، مبادرات السلام العربية، مستقبل الشعوب العربية والعالم العربي وغيره الكثير في مضمون ما جاء بين السطور ليوجه للعالم رسالة بأن القوة العربية قادمة وتتحرك بسياسة هادئة رصينة حكيمة موزونة منطلقها الإنسانية التي أكد عليها جلالة الملك المعظم لمواجهة المشكلات التي عصفت بأمن المنطقة العربية واستقرارها بعد أن كشفت نوايا الطاووس الغربي وضعفه الذي يريد أن يزعزع ويفكك القوة العربية ليدخل بين نسيجها ليهلكها ويدمرها ولكن باستجماع قوى الجسد العربي اليوم وبدافعية شعوبه سيكون الانتصار، وهذا ما أكد عليه الأمين العام لجامعة الدول العربية في ختام كلمته المقدرة بوزنها الثقيل ومعانيها الثمينة والتي ستكون رمزاً لمستقبل هذه القوة حيث قال: «إن العرب لن يخرجوا من عثراتهم إلا بتضامن بعضهم مع بعض ولن ينهضوا إلا معاً.. وعلى الله قصد السبيل». ألا ترون معي أن هذه الكلمات كانت هي القصد من وراء المعنى حيث بدأت التحركات العربية وبكل الآليات لمواجهة التحديات؟

كما جاءت مثلها بالمضمون والثقل الموزون والمدروس كلمة جلالة الملك المعظم حيث الكثير من العبارات المحنكة التي تعد توجيهاً لرسالة بمضمون عربي بأن القوة العربية ستبقى هي القوى الأقوى بعزم وإرادة شعوبها وبإيمان صادق وتيسير من رب قادر حيث بدأ جلالة الملك المعظم كلمته باسم الله لإيمانه بأن الله هو الميسر للعمل والمعين عليه، وبعدها جاء في سلسلة كلمته عدد من المعاني الحكيمة والرسائل الرصينة ومنها: إن القوة تبدأ من الترابط الأخوي والأسري من مطلق ما قاله: «نرحب بكم أخوة أعزاء وأهلاً كراما في دراكم» كان بقصد بث رسالة مضمونها أن كل المشاركين في القمة جزء من الجسد العربي، وبعدها جاءت المفردات المتتابعة التي تترجم الكثير من المقاصد ومنها: «انعقاد اللقاء العربي المبارك» ليؤكد بأن هذا اللقاء لقاء مستمر غير منقطع وضروري حيث تلتقي فيه أطراف الأمة العربية، كما جاء بعدها ليقول: «نجدد العزم والأمل المشترك لمستقبل واعد لأمتنا العربية»؛ ليبين بأن في المضمون الكثير من الإستراتيجيات العربية القادمة من منطلق التحرك العربي والاتفاقيات العربية ليكون هو الأمل الواعد حيث الاستبشار بالخير والرخاء للشعوب العربية وغيرها كما كانت مقولته الوطنية «إن الأيام الجميلة هي الأيام التي لم نعشها بعد»، ولكن هذه المرة على المستوى العربي وليس على النطاق الوطني.

وهذا يؤكد على عزم ومسيرة جلالة الملك الصادقة والحزم في العمل والإيمان بالنجاح لتحقيق الإنجازات البارزة. كما أكد في كلمته على حجم المسؤولية العربية واتساع نطاقها من منطلق المخاطر والتهديدات التي تمس الحقوق المشروعة في الأمن والحرية وتقرير المصير والتي يواجهها الأمن القومي العربي لحماية المسيرة العربية المشتركة، حيث قال: «نحتاج إلى بلورة موقف عربي ودولي مشترك وعاجل للانتصار لإرادتنا الإنسانية في «معركة السلام» والتي تبدأ من وحدة الصف المنطلقة من منظمة التحرير الفلسطينية حيث قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ومنها سيعم الخير على الجوار العربي بأكمله حيث تتلاقي الأيادي من أجل البناء التنموي المتصاعد، المبني على نهج التناصح والحوار السياسي الجاد الذي سيعمل عليه العالم العربي اليوم، من خلال قنوات العمل العربي المشترك وشراكاته الدولية»، نعم إنها مسؤولية كبيرة وعظيمة، مسؤولية لمستقبل وأوطان وشعوب أكد عليها جلالة الملك المعظم في مفردات كلمته التاريخية في أنجح القمم العربية.

من هذه المفردات التي ترجمت قوة المعاني وهدف الرسائل المقصودة حيث القصد وراء المعنى شهدنا وراءها التحركات السياسية والدبلوماسية العاجلة غير الآجلة على مختلف الأصعدة حيث القول المحقق للفعل وليس كما أدعى بعض بأنه كلام على ورق أو أقوال لمنصات وانتهى الحدث.

ولنقل للمطبلين وغير الإيجابيين والمتصيدين في المياه العكرة تابعوا وترقبوا المسيرة العربية القادمة بشكلها الجديد التي ستعكس قوة الحضارة العربية لتكون هي قوة العالم حيث «إعلان البحرين» الخطوة الأولى للألف ميل ومنها إلى النهضة العربية المعاصرة.

* إعلامية وباحثة أكاديمية