يقولون إن النية تسبق العمل، فالعمل في ظاهره هروب وفرار من أمر مميت مرعب مستعصٍ مضنٍ ومخيف وإنما بالحقيقة، النية هي اللجوء إلى مكان مخطط له أو مجهول بهدف تحقيق العيش بغض النظر إن كان منعماً بين الحرير أو مفترشاً ملابسه الأرض، ويسكن الرصيف. فالمهم الهروب والعيش بسلام وأمان وتحقيق الرزق الكريم لا أكثر، فهذه أكبر طموحات البعض من ذوي الضمير السليم.
وما هو الحال ‏‏اليوم ليس بمستغرب في أن تسجّل أعلى درجات اللجوء والنزوح الداخلي والدولي على مستوى العالم فنيران الحروب تعصف في كل مكان والميليشيات الداخلية في البلاد لا ترحم كبيراً أو صغيراً والكوارث الطبيعية لا تفرق بين ابن بلد أو عابر سبيل. فالناس باتت تسأل أين نختبئ وأين نرحل فالعالم كله في لجوء ومن لجوء إلى لجوء؟! حتى أن الدول التي نقصدها هي بحد ذاتها تحت التهديد من عدوان خارجي مميت أو من انفجار سكاني قادرٍ أن يقلب المقاييس ويخرب حسبة الغني والفقير.
فثلاث دول لبلاد الشام من أصل أربع تعاني العلقم المر، بدءاً من فلسطين تليها سوريا ومعهما لبنان على نفس المسار. حرب السودان، حرب اليمن، والحرب الأوروبية روسيا وأوكرانيا الطويلة الأمد والتي نخاف أن تصبح واسعة المدى. فسكان كل دولة تقصد اللجوء في كنف جاراتها وأحياناً تركب أمواج الموت لقصد دولة أوربية أو أمريكية تنعم بالهناء والرخاء، لتكون المفاجأة حرباً نفسية وبدنية من نوع آخر تكبّد صاحبها أشد أنواع العناء وتكبّد الدولة المستضيفة التزامات وارتفاع ميزانيات.
أين المفر وإلى أين المهرب، فإن كان اللجوء أحد الحلول.. فإن وقف الحروب هو أفضلها. والسلام ختام.