خلال الأيام الماضية تركز حديث كثير من الزملاء والأصدقاء على نقطة واحدة، وهي الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، رغم أننا نعمل في مكاتب مكيفة لا تتجاوز درجة الحرارة فيها الـ22، وننتقل في سيارتنا المجهزة أيضاً بأفضل أجهزة التكييف، ولكن لا يزال «التحلطم» سيد الموقف وعنوان الحوارات.
استمع لأطراف الحديث وفي ذهني ذلك العامل الذي يواصل عمله في رصف أحد الشوارع، وقد تجاوزت الحرارة الـ40 درجة، لا سقف يظله ولا تكييف يخفف عنه من حرارة الجو، ولا ماء بارداً يرطب عروقه.
قبل أيام، تحدث وزير العمل معلناً أن المملكة ستبدأ ابتداءً من الأول من يوليو حتى نهاية أغسطس المقبلين تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس المباشرة وفي الأماكن المكشوفة، خلال فترة الظهيرة من الساعة الثانية عشرة ظهراً حتى الساعة الرابعة عصراً.
ولا شك أن هذا القرار الإنساني يحسب لمملكة البحرين، ويعبر عن الحرص على حماية العمالة والحفاظ على السلامة والصحة والمهنية، حيث كانت المملكة من أوائل الدول في المنطقة التي أقرت وطبقت هذا القانون، الذي لاقى كثيراً من الإشادة والتقدير من مختلف الجهات المحلية والإقليمية والدولية.
ولكن السؤال الذي وجب طرحه اليوم، وهو ذات السؤال الذي يتكرر منذ سنوات؛ لماذا شهرا يوليو وأغسطس تحديداً؟ أليست الشهور والأيام السابقة أو التالية تشهد أيضاً ارتفاعاً في درجات الحرارة ونسبة الرطوبة؟!
فإذا كانت الفكرة من تطبيق هذا الحظر هي الحفاظ على السلامة وتوفير بيئة عمل آمنة وفق المعايير الدولية، حسب تصريح الوزير، فمن الأولى أن يتم اعتماد درجات الحرارة كمعيار لحظر العمل، فلو افترضنا، أقول افتراض فحسب، أن درجة الحرارة هبطت خلال يوليو وأغسطس لأي سبب، فهل سيتم تطبيق قانون حظر العمل؟
الفكرة هنا تتجلى في ضرورة تطبيق روح القانون وليس النص حرفياً فقط؛ لأن المطلوب هو الوصول إلى هدف معين، وهو هنا حماية العامل، لذلك فإن هذه الحماية يجب أن تمتد على مدار العام، وحيثما وجدت حاجة إلى تطبيق القانون.
وأخيراً.. بانتظار تطبيق روح القانون وليس النص فقط، تبقى مسؤولياتنا الإنسانية والاجتماعية قائمة، من خلال تطبيق كثير من الأفكار لحماية ودعم العمالة في الشوارع، وقد يكون أبسطها توزيع المياه الباردة أو بعض العصائر التي قد تساعدهم على تحمل هذه الحرارة.
إضاءة
مثل تحقيق البحرين الفئة الأولى في تصنيف الدول في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص، للعام السابع على التوالي، انعكاساً لرؤية سامية لجلالة الملك المعظم، وتنفيذاً لمنظومة شاملة من التشريعات والقوانين الحافظة للحقوق والحريات، وهو ما يُسجل لمملكة البحرين بكل فخر واعتزاز.
كما يعكس هذا التصنيف ما يمتلكه المجتمع البحريني من إرث حضاري وإنساني وقيم سامية، وما تقوم به المؤسسات المعنية من جهود كبيرة بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية المختصة.