كتب أحد الأشخاص على موقع X «تويتر سابقاً» قائلاً: «بالأمس تفاجأت برسالة نصية من البنك تفيد باستخدام بطاقتي البنكية للشراء في فرنسا بمبلغ يناهز 9 آلاف بينما أنا في دبي، ولقد تم تهكير بطاقتي واستخدامها. حقيقة إن الخدمات البنكية الرقمية على مستوى العالم صارت مليئة بالثغرات والمخاطر فكلما طورت أنظمة الأمان طور اللصوص والهاكرز من مهاراتهم، أعتقد البنوك دخلوا سباقاً خاسراً ولن يستطيعوا مجاراة ذكاء هؤلاء».
وحين قرأت هذا التعليق المطول والذي كان صاحبه بالمناسبة يُعرّف عن نفسه بأنه محامٍ، تذكرت اللصوص «زمن أول» حين كانوا يسرقون محفظة النقود ويجدون فيها بطاقة بنكية ومكتوب عليها الرقم السري، فيتم سرقة ما فيها، ويأتي الضحايا للبنوك بحثاً عن وسيلة لاسترجاع أموالهم.
لم يكن البنك هو المسؤول عن مثل هذه الغلطة ولكن صاحبها الذي أغلق خزانة أمواله وترك المفتاح فيها، واليوم لم يعد لصوص المحافظ يجدون رزقاً لهم بعد التحول الإلكتروني في المعاملات، وظهر بديلاً لهم لصوص شاشات الكمبيوتر والهواتف، واختفى زمن سرقة المحفظة النقدية الجميل، لكن يبقى المبدأ والفعل واحد، فمن كتب رقمه السري بجوار بطاقته البنكية في محفظة نقوده، هو أيضاً من منح بياناته لموقع مجهول على الإنترنت.
ويظل البنك دائماً متهماً بينما الخطأ من صاحب الحساب، فأنت الذي فعلت فعلتك، ولم تظهر أرقام بطاقتك إلا من خلالك، كما لم يتصل بك البنك يوماً ليسألك عن تفاصيل حسابك والرقم السري، وهو ما تؤكده البنوك دائماً وتحذّر عملاءها منه برسائل نصية واتصالات هاتفية وبشتى الوسائل.
لقد كانت السذاجة السابقة في كتابة الرقم السري بجوار البطاقة، لكن تلك السذاجة تتطور أيضاً بتطور الجريمة، وإذا كانت البنوك تطور من خدامتها المصرفية إلكترونياً لتيسر على العملاء أمورهم ولكي تواكب التطور الكوني في كافة المعاملات، فإنها أيضاً تحرص كل الحرص على توفير أعلى معايير الأمان في معاملاتها، ولا أعتقد أن أحدكن سمع يوماً عن اختراق إلكتروني لخزينة بنك وتحويل الأموال إلى حساب مجهول.
المعلومة التي يجب أن يعرفها الجميع أن البنوك لا تتيح تطبيقاً إلكترونياً لعملائها أو تدخل معاملات إلكترونية إلى أنظمتها قبل أن تتيقن من معايير الأمان والسرية، وهناك إدارات مسؤولة عن فحص هذه المعايير وتجربة أي تطبيق قبل أن يسمح للعملاء باستخدامه.
انظر إلى بطاقتك البنكية وستجد أن البنوك قد حرصت على أن تكون أرقامها بارزة بانعكاس ضوئي يخفيها حتى عن كاميرات المراقبة الأمنية لدى الكاشير، وانظر أيضاً إلى رقم OTP ستجده يستخدم لمرة واحدة فقط ويتغير بتغير الاستخدام في كل مرة عند إجراء عمليات الدفع الإلكتروني، وكل تلك الأمور جاءت بعد أبحاث أمنية كثيرة.
ما بين البنك واللص المحتال سباق ليس له صفارة نهاية، بل جولات يفوز فيها المحتال أحياناً –على العميل– ويهزمه البنك في جولات أخرى، وطالما بقي تطور الإنسان والعلوم سيبقى ذلك السباق مفتوح النهاية، لكن المشهد يؤكد أن البنوك متقدمة بنقاط على اللصوص، وعندما يحدث العكس فيكون بسبب الجمهور.