أخيراً أقر حزب الله أنه لا يواجه إسرائيل وحدها بل يواجه الدول الغربية بأجمعها، وأن إسرائيل ليست أوكرانيا بل وصلت الرسالة واضحة له ولأسياده بأن الرد لن يكون من إسرائيل وحدها بل سيكون من حاملات الطائرات والغواصات النووية والقواعد الأمريكية الموجودة في المنطقة وبأن بريطانيا وفرنسا وألمانيا ملزمون بالرد على أي عدوان يمس إسرائيل أيضاً باعتبارها حليفاً رئيسياً خارج الناتو، بل أنه في ديسمبر عام 2014، أقر مجلس النواب الأمريكي قانون الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل لعام 2013. وبموجب هذا القانون أصبحت إسرائيل أعلى بدرجة واحدة فوق تصنيف «الحليف الرئيسي من خارج الناتو» مما يعني أنها ستتلقى دعماً إضافياً للدفاع والطاقة وتعزيز التعاون بين رجال الأعمال والأكاديميين. بالإضافة إلى ذلك، دعا مشروع القانون الولايات المتحدة إلى زيادة مخزونها الاحتياطي الحربي في إسرائيل إلى 1.8 مليار دولار أمريكي.
هذا ما تدركه إيران وتدرك أيضاً أن الرد الإيراني على جميع اعتداءات إسرائيل عليها سواء تلك التي جرت في الداخل الإيراني باغتيال «فخري زاده» العالم النووي أو باغتيال «إسماعيل هنية» أو تلك التي جرت في سوريا ولبنان والعراق حين اغتيل «قاسم سليماني» أو حين فجرت القنصلية الإيرانية في سوريا، كلها أعمال يراد بها استفزاز إيران للرد حتى يكون فخاً لتوريطها، الملالي يعلمون ذلك، ولذلك لن يردوا ولن ينتقموا ولن يستدرجوا، وسيكتفون بالهتافات والوعيد و»يواش يواش» وحزب الله اقتنع أيضاً بأنه لن يستدرج وعليه أن يبلع السم ويسكت ويكتفي بقن الدجاج الذين قتلهم، مثلما ابتلع سيده وولي نعمته خامنئي وامتنع عن الرد!!
أما بقية الميليشيات الإيرانية في المنطقة فخطرهم محدود على إسرائيل وليسوا على الحدود ولا يملكون ترسانة حزب الله، فسيتوقف مستقبل وجودهم حسب المصلحة الأمريكية في الخيارات التالية إما بقائهم أو زوالهم أو سكوتهم المؤقت، ففي بقائهم غاية يريدها الأمريكان لإبقائهم سبباً يدعو لإسراع دول الخليج في عقد الاتفاقيات الأمريكية، لذلك يتعاملون مع الحوثي في البحر فقط، أي بما يهدد المصالح الإسرائيلية وبضربات برية محدودة لا تقضي عليهم، ومع الحشد يتركون أمر ضبطه للجيش العراقي فلا يستطيع أن يقضي عليهم لكنه سيحد من قدراته، المحصلة النهائية بقاء أي ذراع لإيران في المنطقة مرهون بالمصلحة الأمريكية.
نأتي لذراعها السني الوحيد وهو حماس، وأما غزة وأهلها فراحوا ضحية غباء قياداتهم الذين لم يدركوا إلى أي فخ تم استدراجهم حتى اللحظة أو أنهم أدركوا ويكابرون، فليت السنوار كان بذكاء حسن نصر الله ليته علم أن نهاية ما قام به في سبعة أكتوبر سيكون القضاء على كل ما في غزة ومسحها من على الخارطة والقضاء على ما بنوه من بنية عسكرية استغرقت سنواتٍ وأموالاً طائلة وتشريداً وتهجيراً، وقتل أكبر عدد من الفلسطينيين أغلبهم من الأطفال حتى لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك، وأقصى ما سيطلبه السنوار لإنهاء لعبته هو الضمان بخروجه سالماً هو وعائلته وعدم ملاحقته، فلا مساجين أطلقهم ولا حرر شبراً من فلسطين، وأول ما سيقر السنوار بذلك فستنتهي الحرب، وأمريكا والبقية متكفلون بإعادة بناء الجيش الإسرائيلي من جديد، وتعالوا يا دول الخليج أعيدوا إعمار غزة وتحملوا مسؤولية غباء القيادات الحمساوية.