بداية القول..
حين يخص الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الصحافيين بحروف نافذة من القلب إلى القلب، يشكرهم ويثني على مواقفهم الوطنية، فهذا انفراد تكريم ووجاهة وإعلان تقدير لدوركم يا معشر الزملاء في الدفاع عن الوطن، بصفتكم شريكاً فاعلاً في الحفاظ على المنجزات والمكتسبات الوطنية وخط الدفاع الأول عن قضايا الوطن والمواطنين انطلاقاً من الإدراك الكامل بأن البحرين فوق الجميع، وأن الكلمة مسؤولية، والحرية حق، وأن الولاء والانتماء والتفاني في خدمة الوطن من أجل مستقبل أكثر إشراقاً، هو واجب على كل مواطن محب لتراب هذه الأرض، وما أعذب كلماته حين وقف بين جمع غفير من الكتاب الصحافيين، وقال: «إن دوركم كبير، وصوتكم مسموع، فلا تترددوا في قول الحق، ونحن معكم وندعمكم بقوة ولكم منا كل الاحترام والتقدير.. أشكركم.. أشكركم.. أشكركم «ثلاث مرات»».
آه ثم آه..
بل سموكم من يستحق منا الكثير ولكن للأسف ليس لدينا غير كلمة شكراً، لكن ليس لنا بد إلا أن نتضرع رافعين أكفنا إلى الله تعالى، نلهث بالدعاء لكم أن يحفظكم ويطول في عمركم ويبقيكم ذخراً وسنداً لهذا الوطن وأبنائه.
والآن نأتي إلى مربط الفرس..
رمضان على الأبواب، ولعل أهم ما يجب أن نقوله ونحذر منه، عاصفة ارتفاع الأسعار المصاحبة لهذا الشهر المبارك، وهي ظاهرة باتت تتكرر كل عام، فقد تعود جمهورالصائمين مع قرب هلال شهر رمضان المبارك من كل عام، أن يفاجؤوا بارتفاع في أسعار مختلف صنوف الخضراوات إلى نسبة 150 - 200 في المئة، وهو ما يعني إضافة أعباء مادية جديدة على ظهر المواطن فوق أعباء ضعف الراتب وغياب الدعم عن السلع الضرورية وارتفاع تكاليف المعيشة والكهرباء والماء والهاتف وغيرها من الرسوم التي لا يقدر على حملها الجبال، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، أول ما عصفت، عصفت بقوت المواطن.
فاتقوا الله يا معشر التجار..
اعلم أن من الطبيعي أن يفرض شهر رمضان نوعاً من التسابق للشراء بالنسبة للكثير من الناس، وهو سلوك نرفضه لكن لا نستطيع أن نغيره، وإن كنا نقبل به، فعلى مضض، لكن الأمر غير المقبول وغير المبرر، ارتفاع أسعار السلع والذي ينم عن جشع التجار، خصوصاً ونحن في أزمة اقتصادية طاحنة، وهو أول عام يتعامل فيه المواطن مع اللحم «فيس تو فيس» من غير دعم.
ورغم التفسيرات غير المنطقية والتي تأتي من قبل بعض التجار الذين كثيراً ما يعزون ارتفاع الأسعار إلى مشكلة الغلاء العالمي، إلا أن كلها تصب في مشروع الضحك على ذقون الفقير، الأمر الذي يجعل الفقير يعيش في حيرة من أمره نتيجة جشع «بعض» تجار المواد الغذائية والخضروات.
وفي الوقت الذي يرى الخبراء أن الأسعار يفترض أن تحكمها آليات السوق وأهمها العرض والطلب، إلا أن تجارنا ليسوا محكومين بمنطق أو قانون أو حتى ضمير، فـ «البعض» ينظر إلى الشهر الفضيل بمنطق «الموسم» الذي يتسابق فيه إلى حلب الفقير كما يحلب الشاة، فلا يتركها حتى يجفف ضرعها.
والحق أن ديننا الحنيف لم يترك مصير الناس في يد ضمائر التجار، ذلك لأن دين المولى القدير واقعي لا يحلق في مثل عليا، مغفلاً ما عساه أن يكون من أنفس مات فيها الضمير، لذا فقد توعد على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، التجار الذين يستغلون حاجة الناس فيرفعون الأسعار بأشد العقاب، فعن معقِلِ بنِ يسار رضي الله عنه قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليهِ وسلم يقول: «من دخل فِي شيء مِن أسعارِ المسلِمِين لِيغلِيه عليهِم، كان حقاً على الله تبارك وتعالى أن يقعِده بِعظم مِن النارِ يوم القِيامةِ»، وذلك لأن غلاء الأسعار ليس كفيلاً فقط بإرهاق الفقراء وأصحاب الحاجة وحسب، بل ويورث الضغينة وينشر الحقد والكراهية، بجانب أنه يخلق حالة من التذمر والفتنة بين الناس، مما قد يؤثر على استقرار البلد، ويدفع ضعاف النفوس والمتصيدين في الماء العكر، لاستغلال مثل هذه الظروف لتحقيق مآربهم الدنيئة وأهدافهم الخبيثة.
لذلك نقول ونرجو ونشد على يد وزير الصناعة والتجارة والسياحة، زايد بن راشد الزياني، ألا يترك مصير الناس في يد ضمائر التجار، فنحن في عرض الحذر والتعلم من أخطاء الأمس، والعمل على تصحيحها وعدم تكرارها، ومن أولى ثمار هذا التعلم، احتضان المواطن وتوفير سبل الراحة والعيش الكريم، وهو المبدأ الذي يشدد عليه صاحب السمو رئيس الوزراء في كل لقاء مع المسؤولين ويعمل أقصى جهد لتنفيذه.
فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.