المخدرات واحدة من أخطر المشكلات النفسية والاجتماعية التي تواجه العالم كله بمختلف مجتمعاته العربية والغربية، وهناك كثير من الدلائل المتعددة، التي تكشف عن مدى خطورة هذه المشكلة منها، أنها لا تهدد مجتمعاً واحداً فحسب، وإنما تهدد كل المجتمعات سواء المتقدمة أو النامية، وتمثل المشكلة أضراراً مادية وصحية ونفسية بالغة.
ومن أهم الأسباب والعوامل التي تؤدي بالشباب إلى الانحراف والإدمان والتقليد الأعمى، انشغال الوالدين أو أحدهما عن الأبناء، لظروف العمل المستمر، أو السفر، أو المرض المزمن، فلا رقابة هناك، ومن ثم يفعل الأبناء كل ما هو متوقع، وما ليس متوقع، إضافة إلى لجوء بعض الآباء والأمهات إلى القسوة والعنف والشدة في تربية الأبناء، فذوبان الود والحب والحرمان منهم يدفع الشباب إلى البحث عنه، والاحتماء بأي صدر حنون، حتى ولو كان هذا الصدر الحنون خداعاً، فضلاً عن عدم تشجيع الوالدين لأبنائهما قد يكون سبباً في الانحراف، ومن ثم لا بد من المشاركة المعنوية، والاهتمام بالأبناء، وعدم اللجوء إلى العنف، حتى لا ينزلق الشباب نحو دائرة الانحراف.
الوقاية من الإدمان مسؤولية المجتمع ككل، وتتضمن مكافحة إنتاج المواد المخدرة، وتقليل العرض ومقاومة الطلب، وإصدار قوانين رادعة لمن يروج تلك المواد، وتتضمن الوقاية منه التنشئة الاجتماعية الصحيحة داخل الأسرة، واستخدام أسلوب الاعتدال في المعاملة وإعطاء الثقة بالنفس والاعتماد على الذات، والتوعية بأضرار المخدرات، وخاصة مع الفئات المستهدفة التي ينتشر فيها تعاطي المخدرات، والتدخل العلاجي المبكر بحيث يمكن الوقاية من التمادي في التعاطي والوصول إلى مرحلة الإدمان، والقضاء على البطالة وإتاحة فرص عمل للشباب حديثي التخرج، وتصحيح بعض الأخطاء الشائعة عن دور المخدرات في تخلص الفرد من مشاكله، واستخدامها كوسيلة لتطبيب ذاته والهروب من المشكلة، حيث إن المخدرات لا يمكن أن تؤدي إلى حلول للمشكلة بل يقع الفرد فريسة لمشكلة أكبر فوق المشكلة الأساسية وهي الإدمان.
وأخيراً، يجب الابتعاد عن ذلك الخطر المدمر والمارد الجبار الذي يقضي تماماً على معنى الحياة، وعدم استخدام أسلوب التجريب أو مسايرة الأصدقاء أو من باب الرجولة، لأن بداية الغيث تكون قطرة، وأدعو الله أن يجنبنا شر هذا الوباء والبلاء، وأن نصل بأمتنا إلى أرقى مكانة.