كان أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحمل للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه احتراماً كبيراً لكونه من آل البيت والدليل على ذلك من حديث رواه الزمخشري عن ابن عباس، إذ قال: «جاء رجل إلى عمر يشتكي من علي، فالتفت عمر إليه لأنه كان حاضراً فقال له «يا أبا الحسن سم فاجلس مع خصمك»، فقام علي وجلس مع خصمه وتناظرا، ثم انصرفا، فرجع علي إلى مجلسه لكن عمر لاحظ تغييراً على وجهه فقال «يا أبا الحسن مالي أراك متغيراً»، قال علي «كنيتني بحضرة خصمي، ألا «لو» قلت يا علي قم فاجلس مع خصمك».
فأخذ عمر برأس علي وقبله بين عينيه ثم قال «بأبي أنتم وأمي، بكم هدانا الله وبكم أخرجنا الله من الظلمات إلى النور».
وقال القرطبي وابن حزم إن عمر قال لعلي «مازلت كاشف كل كرب وموضح كل حكم»، وقال له يوماً «لا أبقاني بعدك يا علي»، ويدل قوله هنا على اعتزازه بقضاء علي بن أبي طالب عندما قال له «لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن».
وقال في موقف آخر «لا أبقاني الله في أرض ليس فيها أبو الحسن».
وفي مناسبة أخرى، علق عمر حول مهارة علي في القضاء بعد أن حكم بمهارة في إحدى القضايا التي يستشيره حولها، فقال «عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب، ولولا علي لهلك عمر».
وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، إن عمر بن الخطاب أشار إلى علي بن أبي طالب ثم قال «أعلم بنبينا وبكتاب نبينا».
ونتابع العبارات التي ذكرها عمر بن الخطاب في تقدير مكانة علي بن أبي طالب في القضاء وفي نفسه، وقد ذكر ابن عساكر عن عمر قول له عن علي بن أبي طالب «القول ما قال علي». ويقول العلامة الحافظ الحسكاني عن عمر بن الخطاب إنه قال: «علي أعلم الناس بما أنزل الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم». وذكر الشنقيطي أحد علماء ذلك العصر في كتابه «الكناية» صفحة 57 إن عمر بن الخطاب قال موجهاً حديثه إلى علي بن أبي طالب «أنت يا علي خيرهم فتوى». وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتابه «فضائل الصحابة» إن عمر قال عن علي «اللهم لا تنزل بي شديدة، إلا وأبو الحسن إلى جنبي». فهل يوجد كلام يعبر عن عمق محبة عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب أكثر من ذلك.
إن أبرز ما نلاحظه في خلافة عمر بن الخطاب تلك العلاقة الخاصة بينه وبين علي بن أبي طالب القائمة على الاحترام والإعجاب والمحبة الصافية والتعاون في إدارة أمور الحكم التي شوهها بعض الأشخاص الذين يريدون التفرقة بين المسلمين مثل بعض الصفويين وأتباعهم ممن قاموا بتزوير التاريخ، وأخذوا يقصون بعض الحكايات الكاذبة ليصوروا لنا أن فترة الخلفاء كانت عبارة عن خلافات وتنافر وسعي وراء الحكم، وهم أبعد الناس عن شهوات الدنيا وسلطة الحكم.
ويبرز إعجاب عمر بعلي، عندما اتهم أحد الأشخاص علياً بن أبي طالب بالتيه والعجب، فرد عليه عمر بن الخطاب من منطلق حبه وإعجابه بعلي بن أبي طالب وقال «حق لمثله أن يتيه، والله لولا سيفه لما قام عامود الإسلام، وهو بعد أقضى الأمة «من أفضل قضاتها»، وذو سابقتها وذو شرفها». وقال عنه يوماً «من آذى علياً فقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم».
لم يكن عمر يرد اقتراحاً أو رأياً لعلي، بل إنه كان يسارع إلى تنفيذه عن قناعة وإعجاب بآرائه الحكيمة الذكية المتفقهة في أمور الدين الإسلامي. وتبرز محبة علي بن أبي طالب لعمر بن الخطاب عندما نصحه ألا يتوجه على رأس جيش المسلمين إلى نهاوند لقتال الفرس، والسبب خوفه عليه، لذلك نصحه أن يذهب من هو أقل شأناً منه واستجاب عمر لنصيحة علي. يتبع.