أميرة صليبيخ



نحن كبشر مجبولون على الخطأ والنقص ومع ذلك نقوم -بمنتهى السذاجة- بوضع أهداف مثالية لأنفسنا، فنحصرها في إطارات ضيقة ونعيش في معاناة لأننا لم نستطع قط تحقيق هذا الكمال المنشود، بل ارتكبنا العديد من الأخطاء المعيبة ونحن في طريقنا نحوه.

ألبسونا رداء الكمال وأقنعونا بضرورة التناسب مع هذه المقاسات وإلا سنصبح متخّلفين ومختلفين عن الآخرين وموصومين بالعار والعري أمامهم. فإن فشلت في تحقيق الدرجة الكاملة في مادة ما، عاتبوك وعيروك وربما نبذوك. وإن لم تنزل الكيلوغرامات المطلوبة خلال الوقت المحدد فأنت فاشل وغير قادر على إنجاز أي هدف. وإذا لم تستطع منع نفسك من التدخين فأنت في عداد الأشخاص السيئين الذين يستحقون الخزي.

من المؤسف أن يتم تقييمنا وفق توقعات الآخرين والمحزن أن نقضي العمر بأكمله في محاولة محمومة لإرضاء هذه الرغبات. فحصولك مثلاً على 92 من مائة مثلاً يعتبر فشلاً في عين والديك في حين إنه إنجاز كبير لو تحقق،

وتعلمك للسباحة خلال شهرين هو أمر مميز، ولكنه ليس كذلك بالنسبة لصديقك الذي احترف السباحة في السابعة من عمره!

في الحقيقة أن الجميع مميز، ولكن المعايير المختلفة بين ما هو متوقع منا بنحو مثالي وكامل وبين قدراتنا الكامنة تسلبنا متعة الانتصارات الصغيرة والإنجازات المتراكمة، وتجعلنا فاشلين محبطين وواقعين في دائرة ضغط نفسي، تُنهك الأعصاب وتنخر متعة الحياة، وفي النهاية قد نضطر للتخلي عن الكثير من الأحلام فقط لأنها تشكل لنا عبئاً لسنا في حاجته. فمهما حاولنا ستبقى مساعينا مهدرة بلا قيمة بالنسبة لهم.

والسؤال الأهم هو من الذي وضع شروط الكمال هذه ومن الذي ألزمنا بالتماثل معها؟ وهل هي نهاية العالم بالفعل لو لم تحقق المطلوب منك؟

أنت لست مطالباً بإثبات أي شيء لأي شخص سوى نفسك. وعليك في رحلتك نحو النجاح أن ترفق بها وتأخذ كل خطوة بتمهل.

متعة النجاح ليست في الوصول أبداً بل نابعة من الطريق الذي تشقه نحو هدفك والتجارب التي تتعلمها خلال رحلتك والإنسان الذي تبينه بداخلك. لا تقع تحت ضغط الكمال أبداً ولا تخلق لنفسك وهماً لا تستطيع الوصول إليه. خذ وقتك ولا تتعجل ولا تقارن نفسك بأحد. ركز على أهدافك ودع للآخرين أهدافهم فلم نخلق جميعاً للغاية ذاتها. لم نخلق لنكون مثاليين، فالمثالية مملة والكمال مجرد وهم.