لا نشعر اليوم أن هناك فوارق شائعة بين أنديتنا المحلية في كرة القدم كالتي كانت في السابق مع بدايات اللعبة منذ عام 1952 وحتى اليوم، لكن الذين يتأملون ويحللون ويخترقون المألوف يرون أن كرة القدم المحلية شأنها شأن كرة القدم في كل مكان من البلدان العربية وحتى لا نتوسع في الموضوع نريد أن نركز على واقعنا الكروي المحلي ونسأل هل عاصرت الكرة التدرج المنطقي حتى وصلت إلى هذا المستوى وما هي المراحل التي سارت عليها.

من وجهة نظرنا، كانت بداية الكرة المحلية في تلك الفترة تمر بمرحلة جنينية، والأجنة كانت أكثر مما نتصور، والبدايات في (مقرات) وملاعب رملية منتشرة في المدن والقرى، وفي منطقة القضيبية بالذات هناك ملاعب متلاصقة أو قل متجاورة لكن الزحف العمراني ابتلعها، وتلك كانت الخطوة الأولى في حياة الكرة المحلية، وحين تقل الملاعب يقل عدد اللاعبين.

هذه المراحل التاريخية التي عاصرناها كلاعبين ثم إداريين تشكل النواة الأولى لما آلت إليه الكرة في الوقت الحاضر لأنها فوجئت بفكرة (الاحتراف)، ولم تكن المرحلة على استعداد لهضمها، إذ تحول كل اللاعبين الآن إلى محترفين أو أشباه المحترفين. فالأندية تمنح اللاعب راتباً حتى لو كان مكافأة لكنه في النهاية يأخذ مالاً بينما في المراحل التاريخية السابقة كان اللاعب هو من ينفق على نفسه بنفسه، وهذه النقلة التاريخية السريعة أسهمت في أشياء كثيرة كان لها العديد من السلبيات في مقابل القليل من الإيجابيات.

في فترة الثمانينيات كان الدوري المحلي يعج باللاعبين الأجانب وشاهدنا على سبيل المثال أسماء لامعة مثل (برونو البرازيلي) في الرفاع و(كوارشي الغاني في المحرق) فضلاً عن عادل الدسوقي وعادل العنايشة وآدم وكثيرون. وفي بداية التسعينيات انضم عدد من اللاعبين الكويتيين لأنديتنا ولم تكن فكرة الاحتراف قد ولدت بعد لكنها كانت مجرد قدرة مالية لنادٍ أو أكثر على تقوية فريقه والاستعانة بلاعب خارجي ليس إلاَّ.

يقول التاريخ الكروي المحلي إنه في الخمسينيات وبدايات الستينيات كان لدينا العديد من اللاعبين الكرويين العرب والأجانب زاولوا كرة القدم بمحض إرادتهم كونهم يعملون في الشركات أو المؤسسات أو البنوك وغيرها، ساهموا بقدر كبير في تطوير الكرة المحلية ولم يكونوا محترفين 100% وحين تقيسهم بالمحترفين الحاليين أو أصحاب الرواتب والعقود تجدهم أفضل من ناحية المستوى ولا أعتقد أن هناك ثلاثة لاعبين أفضل من هؤلاء (برونو وكوارشي وآدم) والأخير لعب في الوحدة (النجمة حالياً) وذلك في الثمانينيات.

إن الخدعة الكروية الكبرى التي نعيشها هي فكرة الاحتراف وجاءت بشكل عشوائي وانتشرت كما ينتشر الوباء ولو كانت مرتبة وفق المراحل التاريخية، لكنا اليوم أفضل من غيرنا، لكن الزج بها بدَّل وقضى على العمل المنظم. تلك مقدمة لمجموعة من الأفكار نأمل أن نقدمها للقارئ الذي يعشق التاريخ الكروي خاصة والرياضة عامة والتجارب كثيرة يمكن أن تتسع إلى أبعد الحدود لكن الاختصار أحياناً يكون مفيداً.