لقي ما لا يقل عن 41 شخصاً حتفهم وأصيب 80 آخرون بينهم شخصيات أمنية ومدنيون في انفجار سيارتين مفخختين بمدينة بنغازي شرق ليبيا قبل نحو أسبوع. وذكرت وكالات الأنباء «أن هذا الانفجار المزدوج بدد الهدوء النسبي الذي شهدته ثاني أكبر المدن الليبية في الفترة الأخيرة بعد أن كانت مسرحاً لصراع امتد لأكثر من ثلاث سنوات منذ 2014 وحتى أواخر 2017». وقع الانفجار الأول أمام مسجد في حي السلماني بوسط بنغازي بينما كان المصلون يغادرون بعد أداء الصلاة. وبعد نحو 10 أو 15 دقيقة من وصول مسؤولي الصحة والأمن إلى موقع الانفجار وقع انفجار ثانٍ أشد قوة نجم عن سيارة أخرى كانت متوقفة على جانب الشارع المقابل ما ألحق أضراراً بسيارة إسعاف وتسبب في وقوع عدد أكبر من الإصابات.

يبدو أن ليبيا هي العنوان الحقيقي للدولة العربية المنسية والتي أصبحت اليوم مكباً لنفايات الجماعات المسلحة والإرهابيين عبر العالم من خلال اتفاقات دولية ومخابراتية عالمية على ما يبدو. فهي أصبحت قاعدة حقيقية ومأوى للتنظيمات الإرهابية كلها وعلى رأسها «داعش» و»النصرة» والقاعدة وجماعة أنصار الشريعة ومجاهدو ليبيا وجيش تحكيم الشريعة وميليشيا درع ليبيا وكتيبة ثوار طرابلس وغيرها الكثير من التنظيمات المسلحة الباطشة. فليبيا لم تسترح أبداً من الضجيج والفوضى والتفجيرات خلال الأعوام السابقة، وفوق كل هذا النزيف الكبير لم يعد أي طرف في العالم يودّ الالتفات إليها، ولهذا فهي تصارع وحدها من أجل البقاء في ظل دوامات الإرهاب والجماعات المسلحة وما تقوم به من أعمال إرهابية عنيفة وقاسية.

فلا الدول العربية ولا الدول الأجنبية ولا حتى مجلس الأمن يعطون أهمية وأولوية لليبيا، وكأنها باتت محطة تجارب على حياة الإنسان وعلى مختلف أنواع الأسلحة الفتَّاكة، ولأنها باتت منهارة بشكل فوضوي فإنه لا شيء فيها بات يغري الكبار للدخول إليها، ولهذا فإننا لا نسمع باسمها إلا في نشرات الأخبار الكئيبة!

مؤلم ما يجري على الشقيقة العربية من دمار وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، فالإنسان الليبي صار تجربة لخبراء السياسية والعسكر عبر العالم، ولأن ليبيا لم تعد دولة حقيقية كبقية الدول الأخرى شاهدنا فيها كل أنواع الانتهاكات بحقهم وبحق الأفارقة الذين يتعرضون بشكل مهين للإذلال والبيع والقتل، أما بالنسبة للأمن فهو آخر ما قد يتحقق في ظل هذا الانفلات الخطير.

دعوة صادقة للدول العربية بأن تعطي مزيداً من الاهتمام للدولة المنسية «ليبيا» وللشعب الليبي، وأن تلزم مجلس الأمن بأن يلتفت إلى محنتها وحيرتها لمعالجة ما يمكن معالجته، كما أنها دعوة أخرى لكل العرب لمساعدة الحكومة الليبية في إيجاد توافقات سياسية وطنية لأجل نشر السلام والهدوء فيها، وقبل كل ذلك مساعدتها في محاربة الإرهاب والإرهابيين بطردهم من ليبيا حتى يعم الأمن والأمان في ربوع دولة تتكلم «العربية».