إن الاهتمام بالفكر الجيوستراتيجي والاشتغال به لا يستلزم التركيز على العلاقات الدولية في جوانبها السياسية والأمنية وحسب، وإنما يستلزم مراقبة الجوانب الاقتصادية أيضاً. ومن خلال مطالعتي لبعض الأخبار الاقتصادية لفتني خبر يفيد بارتفاع معدلات تشغيل مصافي التكرير في الصين «أكبر مستورد للنفط في العالم»، إذ وصل هذا الارتفاع إلى 12% أبريل 2018 مقارنة بأبريل من العام السابق بما يقدر بـ12.06 مليون برميل يومياً، وهو ثاني أعلى مستوى على أساس يومي. وتكشف الإحصائيات أن النفط عند أعلى سعر منذ ثلاث سنوات ونصف، حيث بلغ سعر خام القياس العالمي برنت 79.02 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2014، أيضاً شهد الخام الأمريكي الخفيف ارتفاعاً لـ71.36 دولار للبرميل، وهو أيضاً قرب أعلى مستوياته منذ نوفمبر 2014.

خلاصة الأمر أن هناك ارتفاعاً طارئاً في أسعار النفط، أنزل علينا الله من فضله وخيره في شهر الخير والكرم، ولكن ارتفاع أسعار النفط في هذه الأثناء لأعلى مستوى لها في ثلاث سنوات ونصف قد جاء مدفوعاً بأسباب كثيرة، من بينها شح المعروض في أسواق النفط، والعقوبات الأمريكية المزمعة ضد إيران والتي من المرجح أن تعطل صادراتها بسبب برنامجها النووي، إذ زاد هذا المخاوف من أن تواجه أسواق النفط نقصاً في وقت لاحق من هذا العام بعدما تدخل القيود التجارية حيز التنفيذ. تؤخذ بالاعتبار أيضاً الزيادة الحادة في الطلب، بينما تستمر بالانخفاض مخزونات النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لـ9 ملايين برميل يومياً فوق متوسط خمس سنوات.

يضاف إلى ما سبق تخفيضات الإنتاج التي تنفذها «أوبك» بقيادة دول الخليج مع روسيا، إذ تلتزم السعودية وبقية أعضاء «أوبك» بتخفيضات الإنتاج لدعم السعر. وبينما نشهد تصاعد الدعوات النصائح الجادة الموجهة للخليج العربي بشأن خفض الاعتماد على النفط، والأخذ بالنموذج الإماراتي في دعم الاقتصاد وكذلك البحرين، ورغم أننا من غير المختصين في المجال الاقتصادي، إلاَّ أننا نرى ضرورة الاستفادة من أسعار النفط المتصاعدة ولو لفترة وجيزة، للدفع بعجلة المشاريع التنموية التي طال انتظارها، لا سيما المشروعات التي تركز الإنسان بالدرجة الأولى.

* اختلاج النبض:

الصورة الجميلة التي كونتها بعد قراءات متفائلة في نهار رمضاني طويل لن تدوم، فمازال هناك تهديد بالتأرجح وبعودة الانخفاض، مرجع ذلك الارتفاع المرتقب لإنتاج النفط الصخري الأمريكي في يونيو 2018، وربما يمكن أن نرى في النفط الصخري البحريني المكتشف حديثاً عوضاً عن هذا، فرمضان كريم ومقدم خير لنا في الخليج العربي.