إن رسالة حقوق الإنسان ظهرت منذ قرون من أجل تشجيع الأفراد للمضي قدماً في التعليم والعمل للتوصل إلى مستوى متقدم من المعيشة مدنياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً. فالتوعية بحقوق الأفراد تكفل استعمالهم لحقوقهم على نحو صحيح، فعلى سبيل المثال، التوعية بحقوق المرأة تشجع المرأة للتحدث والكتابة والعمل جنباً إلى جنب الرجل بكل ثقة، والتوعية بالحقوق الثقافية تشجع الأفراد لممارسة هواياتهم والإفصاح عنها بما يثمر كيانهم وكيان مجتمعهم، والتوعية بالحقوق الاقتصادية تشجع الأفراد لإنشاء مشاريعهم، وغيرها... فالهدف من إيصال رسالة حقوق الإنسان، هو توعية الشخص نفسه لمعرفه ما له وما عليه، تمهيداً لاستثمار نفسه كقيمة إنسانية سامية لها رقم مهم في بناء المجتمع، وليس كما قام الغرب بتوصيله بأن حقوق الإنسان هي رسالة العداء مع الدولة!

فأصل حقوق الإنسان هي أنها رسالة تنمية وسلام واستقرار، إلا أن الموازين انقلبت وأصبحت سهماً يؤدي إلى انتهاك سيادة الدول. وهذا غير مقبول. فنحن أمة عظيمة في التاريخ، نبيلة في مقاصدها، يجب علينا أن نكافح من أجل استدامتها وأمنها ضد أية أطماع داخلية أو خارجية تحاول أن تغير صفو سلامنا.

وعلى ذلك، فقد عملتُ جاهدة لإصدار كتاب بعنوان «الآليات القانونية لحماية حقوق الإنسان على المستويين الدولي والوطني» كأمانة يتحتم علي توثيقها لتعتبر دليلاً ومرجعاً موثقاً لهذا الموضوع الدقيق.

فنجد كثيراً من المتحدثين يشيرون إلى مبادئ حقوق الإنسان وثقافة حقوق الإنسان بشكل عام، ولكن عندما يُطرح السؤال حول أين نجد تطبيق تلك الحقوق في دولة ما وفي بقعة العالم المهمشة تلك؟ يعم السكوت، بوصمة «أن أجندة حقوق الإنسان تختلط بالأوراق السياسية»! فلو كان الأمر غير ذلك، لتحررت فلسطين المحتلة، ولتوقفت إيران عن أطماعها وتدخلاتها في دول الخليج العربي، ولأعادت بريطانيا قطعة أيرلندا الشمالية التي تحتلها إلى موطنها الأصلي. وهذا الأمر، وإن كانت تشوبه الصحة، فإن الحقيقة أن هناك أدوات تنفيذية لمبادئ وثقافة حقوق الإنسان تلك، وهي التي تحتاج إلى رفع الوعي بها أيضاً بشكل مُوازٍ مع نشر ثقافة حقوق الإنسان بدلاً من التركيز فقط على الأشياء العمومية المتداولة، لعل وعسى أن تكون الأمل في إعادة فصل حقوق الإنسان عن السياسة، وإعادة جدولة ملف حقوق الإنسان، الذي قامت بتسييسه الدول العظمى الخمس في مجلس الأمن. ولذلك، يأتي الكتاب لإنارة حقيقة عدالة حقوق الإنسان ولإزالة أي شوائب زائفة تعتريه، فهي السلاح الفعال الذي يجب على الدول العربية أن تدرسه باحترافية لاستخدامه للذود عن أراضيها والدفاع عن مبادئها ضد أي تدخل تعسفي لسيادتها.

وعلى ذلك، فإنني أتقدم بجزيل الشكر لمعهد البحرين للتنمية السياسية الذي كان داعماً لهذا الكتاب وناشراً له.

وأتقدم بجزيل التقدير لسيدة البحرين الأولى والمثال الأعلى والقدوة المثالية للمرأة البحرينية صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى رئيسة المجلس الأعلى للمرأة التي نقتبس منها ثقتها فينا للمضي قدماً في كل ما فيه خير لنهضة وتنمية وطننا البحرين.

وكل الشكر والتقدير للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أرفعها للأستاذة ماريا خوري رئيس المؤسسة الوطنية، والدكتور خليفة بن علي الفاضل الأمين العام على دعمهم وتشجيعهم، وكل العرفان لتعليمهم لي أبجديات حقوق الإنسان.