تعتبر أفعال التعذيب جريمة وانتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، حيث تتنافى ممارساته مع سيادة القانون، وقد قامت دساتير الدول ومن ضمنها مملكة البحرين بحظره حظراً مطلقاً. ويُمثّل احترام حقوق الإنسان وصون كرامته وحمايته من التعذيب أو الإهانة أو إساءة المعاملة بعداً جوهرياً في النهج الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين منذ انطلاقه في عام 2001، حيث أكد جلالته من خلاله أن نهج احترام حقوق الإنسان هو إستراتيجية تتبعها مملكة البحرين في تعزيز دولة المؤسسات والقانون وفق ثوابت وطنية راسخة مدعمة بتوافر منظومة تشريعية وتنفيذية وقضائية فعالة ومتكاملة لمناهضة التعذيب، وذلك وفاءً والتزاماً باتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة التي صدقت عليها مملكة البحرين، وبمبادئ الشريعة الإسلامية والقيم الأخلاقية على مر التاريخ التي تميز المملكة كأنموذج في التسامح والتعايش السلمي بين جميع الأديان والحضارات والثقافات. كل ذلك يأتي من خلفية مهمة كون مملكة البحرين مهد حضارة طويلة تمتد عبر التاريخ، اتسم شعبها بالعيش في ألفة ومحبة، جعل تاريخها وموقعها الجغرافي وتراثها الإنساني ملتقى للتعايش وإثراء قيم التسامح واحترام كرامة الإنسان.

ولا شك في أن المنظومة الحمائية في مملكة البحرين قد بلغت مستويات متقدمة بفضل ما يتضمنه الدستور البحريني وتعديلاته من ضمانات لحقوق الإنسان في الحياة والحرية والأمان الشخصي والسلامة الجسدية والمعنوية، والمساواة. وعلى ذلك، فإن مملكة البحرين تزخر بالمنجزات الحقوقية والقانونية الرائدة وغير المسبوقة على المستويين الإقليمي والدولي، والتي انعكست بدورها على دفع مسيرة الجهود الوطنية في مناهضة التعذيب وتفعيل آليات الوقاية والمراقبة والمساءلة القانونية والمحاسبة وضمان حق التقاضي عبر مؤسسات وأجهزة مستقلة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.

وبذلك تعد مملكة البحرين نموذجاً في النزاهة والشفافية بتعزيز آليات المشاركة السياسية من خلال السلطة التشريعية بغرفتيها النواب والشورى، واستكمال المنظومة الحقوقية بتأكيد استقلالية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفقاً لمبادئ باريس، وإنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، واستقلالية مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية، والتي تصب جميعها في تأكيد سبل التقدم والنماء لسمو وبناء الإنسان على الدوام في مجالات الديمقراطية وكفالة الحقوق والحريات العامة والتنمية البشرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في المجالات كافة.

وليس ذلك فحسب، بل جاءت التشريعات الوطنية لتضع ضمانات لمكافحة جريمة التعذيب، والتي تكون في إطار حزمة الضمانات القانونية لحقوق المتهم، استناداً للمادة «20»، «أ»، والمادة «19» «أ»، «د» من دستور مملكة البحرين.

وأختم، بإيصال الشكر والتقدير إلى سعادة رئيس هيئة المستشارين القانونيين لمجلة دراسات قانونية التابعة لمجلس النواب، وسعادة مدير تحريرها لإتاحة الفرصة لي للمشاركة فيها ببحث بعنوان: «مناهضة التعذيب في التشريع الجنائي البحريني». وسيسعدني التواصل ممن يرغب في أخذ نسخه منه.