أثار رفع أسعار منتجات الألبان السعودية مؤخراً بعد تداول وسائل الإعلام زيادتها بمقدار 50 فلساً ردود فعل الجمهور، حيث أكد أصحاب محالّ بيع مواد غذائية وبرادات أنهم تسلموا إخطاراً من بعض شركات الألبان السعودية تفيد برفع أسعار بعض منتجاتها بنسب تتراوح بين 30% و50%، ومن بينها الألبان والروب وبعض المعلبات المبردة كاللبن والقشطة وغيرها، هذه الردود لا مبرر لها إذا ما نظرنا أن السعودية تفي بالتزامتها تجاه السوق البحريني.

وبحسب التسعيرة الجديدة ارتفع سعر علبة الروب التي كانت تباع بـ100 فلس إلى 150 فلساً، والأمر ذاته لعلبة اللبن وعلى شاكلته بعض المنتجات الأخرى، بحسب ما سيصدر لاحقاً من إيضاحات رسمية من الشركات المنتجة للألبان، وإذا ما أخذنا بالاعتبار، فإن مملكة البحرين تعتمد بشكل رئيس في بيع منتجات الألبان للاستهلاك المحلي في الأسواق البحرينية من المصانع السعودية لتوريد وإنتاج الألبان منذ عقود، ولا أتذكر أني قمت بشراء أي علبة زبادي أو لبن بمبلغ أقل من 100 فلس خلال العشرين سنة الماضية!.

وتعتبر البحرين من الأسواق المهمة، وخصوصاً أننا كتعداد رسمي لا نقارن بحجم تعداد المملكة العربية السعودية، وعلى الرغم من ذلك تقوم السعودية بإمداد السوق البحرينية بحرفية عالية رغم وجود منتجات محلية قد تكون أرخص مع بعض العروض المتميزة، وأرى أن الإقبال الشعبي على شراء منتجات الحليب ومشتقاتها مازال في مستواه الممتاز، نظراً إلى جودة المنتجات وتنوعها، إلى درجة اقتناعي أنه لن يؤثر على توجه الناس في التقليل من شراء تلك المنتجات حتى لو توافرت المنتجات المحلية بنفس الأسعار السابقة!

ويعود ارتفاع أسعار الألبان السعودية إلى رفع الدعم الحكومي السعودي لهذه الشركات، حيث كانت نسبة الدعم 50% للاستهلاك السعودي والبحريني دون تمييز، ما اضطر المصدرين السعوديين إلى رفع أسعارهم ابتداءً من سبتمبر الحالي، ومن ثم تلتها سلسلة تكاليف أخرى سببت ارتفاع أسعار الشحن بنسبة 100% بسبب شح الحاويات وارتفاع أسعار البترول، والتي كانت سبباً في زيادة أسعارها، الأمر الذي لا يبرر سبب هجوم البعض في مواقع التواصل الاجتماعي على ارتفاع الأسعار بطلب مستعجل رفع إلى الحكومة لزيادة الرواتب، وهو باعتقادي لن يحل المشكلة، بل ستسهم في زيادة عجز الميزانية وزيادة التضخمات المالية ولربما محاولة سد العجز عن طريق رفع الضرائب المحلية، نظير تحمل 50 فلساً زيادة لكل علبة زبادي سعودية شهية!

الأمر ليس بالمستبعد، نظراً إلى ارتفاع جميع المواد الغذائية بنسبة تتراوح بين %40 و50% وكنا سابقاً تعايشنا مع هذا الأمر مع رفع أسعار البنزين، إلا أن الأسواق المحلية امتصت هذه الزيادة وتمت فلترتها شيئاً فشئياً إلى أن تناساها المستهلك المحلي.

من حق الشعب رفع مطالبه إلى الحكومة لطلب العيش الكريم، ومن حق النواب كذلك التسابق لاستغلال الحدث للعمل بجهد بعد عامين من سبات أزمة كورونا (كوفيد-19)، لكن أيضاً من حق الشركات السعودية رفع أسعارها نظراً إلى وفائها بالتزاماتها أعواماً طويلة للسوق البحرينية.

بتول شبر - سيدة أعمال ومحللة اقتصادية