قبل أيام فقط، وعبر خبر نشرته صحيفة الوطن، كشف وزير العمل والتنمية الاجتماعية، جميل بن محمد علي حميدان عن أن حالات هروب العمالة المنزلية التي تم ضبطها منذ 2019 حتى أكتوبر2021، بلغ عددها 540 حالة. بينما نعتقد نحن أن الحالات الخاصة بهروب العمالة المنزلية تفوق هذه العدد بكثير؛ لأن كثيراً منها غير موثق في السجلات الرسمية.

في البحرين منذ فترة زمنية طويلة لم يتم تعديل القانون الخاص بهروب العمالة المنزلية، بل إن كثيراً منها يصبّ في مصلحة العمالة الهاربة، أكثر مما يصبّ في مصلحة المواطن، بل إن القانون الحالي يعاتب ويلوم المواطن أكثر مما يحاسِب فيه العامل الهارب؛ فالقانون يطالبك بالإبلاغ عن حالة الهروب فقط، وفي حال تم القبض على العمالة الهاربة، فإن الجهات المختصة تطالب صاحب المنزل بترحيلها على نفقته الخاصة مُرغماً، حتى دون النظر في الإضرار التي تلحق صاحب الشكوى!!

هذه الأفكار، وهذا الملف تحديداً، تناولته هنا قبل نحو 15 عاماً، ومازالت المشكلة قائمة لم تُحل، وهذا يعطينا مؤشراً بأن لا تغيير في القوانين التي تقف مع العمالة الهاربة أكثر مما تقف وتنصف المواطنين. وفوق كل هذه «المهزلة»، تستطيع العمالة الهاربة اللجوء لسفاراتها كي تحتمي بها ولو كذباً، وخاصة حين تدعي وجود أضرار لحقتها من طرف صاحب المنزل، بينما هي مجرد شكاوى كيدية وغير حقيقية أصلاً!

الجميع يعرف أن القوانين الرخوة هي التي شجَّعت وتشجِّع على هروب العمالة المنزلية، كما أن للعصابات التي تقوم بتهريب هذه العمالة من منازل أصحابها الدور البارز في استمرار هذه الظاهرة حتى هذه الساعة، ولهذا، ولأجل وضع حل للمشكلة، يجب الضرب بيد من حديد لكل عصابة أجنبية تقوم بتهريب هذه العمالة من منازل المواطنين، وألا تقف الجهات المسؤولة موقف المتفرج.

عاملة تهرب من صاحب نشاط تجاري، فتتصل به هيئة تنظيم سوق العمل ممثلة بمكتب الاتجار بالأشخاص، يطالبونه بإحضار جوازها. بعدها أخذوا جوازها منه مرغماً، ثم أخبره أحد الموظفين أنه في حال امتنع عن تسليم الجواز فإنهم سوف «يشطبون» سجله التجاري، ثم طالبوه بإلغاء كفالته. فماذا حدث؟ بعد مدة زمنية، اكتشف المواطن أن العاملة الهاربة مازالت تشتغل بذات الرخصة. وحين انتهت إقامتها، اتصلت الجهات المعنية تطالبه بأن يحوِّل رخصة عملها إلى شخص آخر. يعني المسألة فيها «إنَّ»!

هكذا يسير ملف العمالة الهاربة يا معالي وزير العمل، وهكذا يتم سحق حقوق المواطن الكفيل، صاحب الرخصة الرسمية، بينما العاملة المنزلية الهاربة تعيش في «تبات ونبات» واحتمال أن «تخلِّف» مع القوانين المتراخية «صبيان وبنات».