من يتابع نهج طهران يدرك أنها تمر بحالة ممتدة من «السعار الاستراتيجي»، بمعنى أنها قد أعادت إحياء إمبراطورية قورش في الخيال الجمعي لصانعي القرار السياسي الإيراني، فكل شيء يبدأ من هيمنتها الإقليمية ويعود إليها. وفي 3 يناير الجاري، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، في عمان: إن «أيادي العرب ممدودة» إلى إيران، بشرط تجاوب الأخيرة مع الهموم العربية المتعلقة بـ«أمن واستقرار المنطقة». مع إدراكه أن من الممكن أن تعجز طهران عن الاستجابة لإشارات الاعتدال السعودية. لذا ظهرت إشارات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان للتلفزيون إلى أن طهران على استعداد لإعادة العلاقات مع المملكة لكن طهران تؤمن بأهمية حوار إقليمي واسع يشمل السعودية ومصر وتركيا لحل مشاكل المنطقة لا حوار يركز على العلاقات الثنائية. وأسباب التوسع المطلوب يعيدنا إلى حالة «السعار الاستراتيجي» أو التوسع الإقليمي التي من أسبابها:

- تأتي التصريحات كموقف تفاوضي قبيل جولة حوار مع الرياض في جولة خامسة ستعقد في بغداد.

- تريد طهران أن تبحث الخلافات بين الدولتين فقط، وليس أموراً تتعلق بدول وشعوب أخرى، لفصل الرياض عن عمقها الخليجي والعربي لإضعاف الموقف السعودي.

- كعادتها في التفاوض تعد المحاولة تمييعاً وإطالة للمفاوضات عبر خلط الأوراق.

- تمر طهران بحالة قلق من اعتزام أردوغان زيارة السعودية بعد الإمارات في فبراير المقبل، حيث سنشهد تغييرات سياسية كبرى وستصبح طهران أمام خارطة إقليمية جديدة تمثل خطراً على إيران.

- تصريح الوزير عبداللهيان رسالة ظاهرها أنهم يسعون للحوار الإقليمي البناء ولن يكونوا عقبة في طريقه لكن الهدف أن تطرح الاعتراف بمناطق نفوذها في دول محور المقاومة وأن يتم إقرار ذلك ثم بالدور الإيراني في الشرق الأوسط.

- طهران وتوابعها أشد من الرياض حاجة لمؤتمر إقليمي فقد أبدى رئيس المكتب السياسي السابق للحوثيين، صالح هبرة، تفاؤله بشأن الحوار الإيراني السعودي وفائدته على الحرب في اليمن.

بالعجمي الفصيح

من خلال آليات تعاون إقليمي تنادي طهران بتوسيع الحوار ليس للحفاظ على علاقات متزنة مع الرياض أو جوارها الإقليمي بل امتداد للسعار الاستراتيجي المصابة به وعلاجه هيمنتها على المنطقة.