بُعث النبي صلى الله عليه وسلم لينشر فضائل الخير ويرشد الأمم إلى دين الله القويم، مسترشداً بالأخلاق القويمة التي كانت منهاجاً حكيماً في دعوة الناس للخير، وكان عليه الصلاة والسلام الأثر الجميل الذي يتركه في كل موقف يتعامل به مع الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم ومع كل من يخالفه أو يرمي الشوك في طريقه، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». وقالت عنه عائشة رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن». ووصفه القرآن الكريم بوصف بليغ بقوله عز وجل: «وإنك لعلى خلق عظيم». والمتأمل لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنها تحمل منهاج حياة للأخلاق والحكمة والتي ينبغي أن تُدرّس لأبنائنا حتى يشبوا على خصال الخير والأخلاق الفاضلة، لتكون لهم ذخيرة في مسير النجاح والتميز في الحياة، فنجاح بلا أخلاق هو عنوان بلا معنى إن لم تصحح له المسار.

العديد من النماذج الحية التي نعاصرها اليوم تعتقد أنها تستطيع أن تفرض سيطرتها وجبروتها على الآخرين بذلك السلّم الذي ترتقي عليه، أو بتلك المصطلحات البالية التي اعتادت أن تتداولها مع الآخرين، وهي في الأساس لا تمتلك جمالية «أخلاق» تؤهلها لتكسب قلوب الآخرين، وتترك في مساحات حياتها الأثر الجميل. كم نتمنى ألا نرى صور الضجيج الحياتي وانعدام الاحترام الذي يختلقه البعض لأسباب واهية، ينتج عنها تهلهل للعلاقات الاجتماعية وتحجيم لصور التواصل، وهي صور تتنشر في كل مناحي الحياة، والتي يعتقد أصحابها أنهم يمثلون الاتجاه السليم في الآراء والتصرفات والنظرات الحياتية الثاقبة، مع أنهم يخالفون جل التوجهات الأخلاقية، ومن أهمها صور الحكمة من نبراس النبوة.

تأملت هذه المواقف واستذكرت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في كل مواقف الحياة، وكيف كان متزناً حكيماً ليّناً ينظر للأمور بنظرات متعقلة يكسب بها القلوب والعقول. شكراً من القلب لتلك المواقف اليومية التي علمتنا الكثير ومازالت تعلمنا مادامت أنفاسنا تستنشق عبق هذه الحياة. فعندما تعزز من قيمة ذاتك وتعلي من شأن أخلاقك مسترشداً بسيرة خير الخلق صلى الله عليه وسلم، وتضع المصدات النفسية لكل المثبطات والعراقيل الحياتية، فلا تسمح لأي خلق ذميم أن يغزو مشاعرك، فأنت حينها قد تعلمت الكثير، وببساطة حصلت على «الأمن الداخلي».

ومضة أمل

صحح مسارك وارصد مواقف الأثر والحكمة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، واجعلها تتدفق في شرايين حياتك.