هل نسيت أمريكا أن السعودية والدول الخليجية أنقذت العملة الأمريكية بعد صدمة نيكسون عام 1971 بربط تصدير البترول بالدولار الأمريكي، وإذا تغافلت عن المصالح الخليجية فمن حق السعودية وأخواتها أن تبحث عن مصالحها حتى ولو كانت في الصين.

لقد كان لاتفاقية «بريتون وودز» التي تم توقيعها عام 1944 الفضل في اعتماد العالم على الدولار بعد الحرب العالمية الثانية حيث وعدت الولايات المتحدة الأمريكية بتحويل أي دولار تجلبه البنوك المركزية إلى ذهب، ثم جاء نيكسون بعد سبعة وعشرين عاماً ليعلن للعالم أنه يجب الاعتماد على قيمة الدولار نفسه وأن ينسوا أمر الذهب ليشعر العالم بالصدمة والخدعة ولكن لو انهارت العملة الأمريكية ستنهار معها مدخرات الدول، فلم يكن هناك سوى دعم الدولار مؤقتاً، وكان على نيكسون أن يبحث عن قوى أخرى تدعم الدولار وكان البترول هو الأمل الذي ساهم في استمرار قوة العملة الأمريكية.

كلما كانت التصرفات الأمريكية تشت عن حدود المعقول والواقع كلما كان يلجأ العالم لفكرة التخلي عن الدولار، وتعتبر هذه الفترة أكثرها ملاءمة لتفعيل فكرة التخلي عن هذه العملة وفك الارتباط بها، فبدأت الصين ترى أهمية دعم اليوان خصوصاً أنها قاربت على أن تصبح القوة الاقتصادية الأكبر في العالم ورأت في العقوبات التي طالت روسيا سبباً أكبر في هروبها من الاعتماد على الدولار.

وتشعر روسيا أيضاً بالضيق من العقوبات الاقتصادية وترى أن الصادرات الروسية يجب أن تجد ملاذاً آخر كي لا يعاني الروبل مثلما يحدث هذه الأيام جراء العقوبات الغربية بسبب الحرب الأوكرانية وفقدانه الكثير من قيمته.

إن العالم يعتمد على المصالح المشتركة، ولم تعد فكرة القوى الأمريكية المهيمنة على القرار العالمي مقبولة، واتضح أن أفول النجم الأمريكي بات وشيكاً خصوصاً بعد السقطات السياسية التي أوقع العالم والغرب فيها.

وعلى الدول العربية أن تبحث عن مصالحها، وحسناً لو فعلت السعودية والدول العربية وتخلصت من سيطرة العملة الأمريكية جزئياً وبدأت المبادلات التجارية من خلال سلة عملات.

إن الأهم الآن في ظل هذا الصراع العالمي الجديد أن تفعّل الدول الخليجية الاتحاد فيما بينها بسرعة أكبر وأن ترى العملة الخليجية الموحدة النور لتجد مكانها وتكون دعماً للاقتصاد العربي، فالتكامل بين الدول العربية سيجعلها تتجنب شر التقلبات العالمية.