يبدوأن هناك حالة من التعاطف الخجول مع روسيا يسود منطقتنا حالياً ويظهر من خلال آراء كتاب الأعمدة في العديد من الصحف الخليجية وكذلك من خلال التعليقات والمشاركات التي تنشر في وسائل التواصل الاجتماعي. ومهما حاول الكتاب أونشطاء وسائل التواصل إخفاء هذا التعاطف وتغليفه بعبارات محايدة ومتوازنة إلا أن الميل «القلبي» -على ما أرى- انكشف وبان.

البعض انتقد كثيراً العقوبات التي فرضتها الدول الغربية ضد روسيا في مقالاته وأشار إلى ازدواجية المعايير التي تتبعها هذه الدول مع المعتدين. موضحين أنه إذا كان المعتدي دولة غربية تغاضوا عن فعلها وتفننوا في التهرب من معاقبتها، أما إذا كان المعتدي لا يتبع المعسكر الغربي أذاقوه الويل وعاقبوه بكل ما لديهم من قدرات. بعض الكتاب أيضاً انتقدوا أمريكا مباشرة - المشجع الأول لفرض عقوبات اقتصادية على روسيا - واتهموها بأنها من خلال العقوبات ستجعل أوروبا في وضع اقتصادي خطير وحذروا من عواقب ذلك.

والبعض الآخر، نشر وينشر مقاطع لخطابات بوتين الحديثة دون أن يشجبها أوينتقدها لكنه يلمح إلى أنه مع مغامرة الرئيس الروسي في أوكرانيا أوعلى أقل تقدير لا يرى في الرئيس الروسي خطراً أوشراً كما يحاول الغرب أن يروج.

ولكن، لماذا يا ترى يلحظ هذا التعاطف الخجول مع الروس هنا في بلداننا على الرغم من متانة علاقاتنا مع الدول الغربية؟ ما الذي حصل ليجعل نخبة مثقفينا «الكتاب والصحفيين» وأعداد لا بأس بها من النشطاء في وسائل التواصل يميلون تجاه روسيا هذه الأيام وينتقدون الغرب؟

أخمن أن صعود اليسار الليبرالي لسدة الحكم في أمريكا هو أحد أبرز الأسباب في هذا التغير في المزاج العام والمشاعر لدينا تجاه الغرب يضاف إلى ذلك تدخلات البرلمان الأوروبي وحتى بعض الدول الأوروبية في الشأن الداخلي لدول الخليج. ويبدو أن محاولة الإدارة الجديدة في أمريكا التوصل لاتفاق مع إيران بعيداً عن دول الخليج وتعمدها إدانة حرب اليمن ومنعها إتمام صفقات سلاح كان قد تم الاتفاق عليها سابقاً مع الإدارة السابقة وانتقادها الدائم لملف حقوق الإنسان على الرغم من التقدم الذي طرأ عليه على مستوى المنطقة ومحاولتها تمرير أفكار ليبرالية راديكالية لا تمت لطبيعة المجتمعات هنا كلها أمور جعلت الناس تشعر بالانزعاج من الغرب.

وقد لا يأبه الغرب برأي كتاب المنطقة ونشطائها على وسائل التواصل ولا يعيرهم أية اهتمام لكن يبقى هؤلاء نبض الشارع وما يدلون به من آراء هو انعكاس لرأي جزء كبير من الناس. لكن هكذا ومرة أخرى -وربما كما عودنا- يتجه الغرب لخسارة معركة القلوب والعقول وهو الذي علمنا من خلال القائد الفرنسي «لوي لايوتي» أنها أهم من معارك السلاح في الحروب.