رئيفة عبدالعزيز




أصبحت التوكيدات الإيجابية تتردد على مسامع الكبار والصّغار في هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي وغيره، ودعوة البعض بترديدها كلّ يوم لتصبح واقع في حياتنا!! فهل يا ترى سيتغير الواقع بمجرد ترديد بعض الكلمات الإيجابية في كلّ يوم؟


إن معظم مشاكلنا في الحياة ليست في المشكلة نفسها وإنما في مفهومنا لها، وكذلك مفهومنا للتوكيدات الإيجابية.. فمن الممكن أن نرى تأثيرها بشكل حقيقي وواضح على البعض ولكنها لا تعمل مع البعض الآخر!! فما هو السّر في ذلك؟

لنفترض أن هناك شخصاً يردد على نفسه توكيده إيجابية، فمثلاً في كل يوم يقول: أنا إنسان مثقّف.. أنا إنسان مثقّف.. ولكنّهُ لم يقرأ كتاباً قط، ولا يستمع للبرامج التثقيفية، ولا يبحث فيما يطور من ثقافته!!! فلو ردد التوكيدة لعشر سنوات فلن يصبح مثقّفاً أبداً.

بينما هناك شخص آخر يردد على نفسه في كل يوم توكيده أخرى، فمثلاً: أنا غنيّ.. أنا غنيّ.. وفي كلّ يوم هو يسعى لتحقيق أهدافه، ويقترب منها بخطوة، ويخطط رؤيته للمستقبل، فهو يعيش الغِنى قبل أن يصبح واقعاً في حياته، ومن ثم سوف يكون غنيّاً عاجلًا أم آجلًا!! لأنه خلق وصلة عصبية جديدة في عقله الّلّاواعي «برمجة» بسبب ترديده لتلك التوكيدة يومياً، وبالوقت نفسه خلق لنفسه شعور يطابق التوكيدة التي يرددها.

فحالة الشخص الأول إنسان عاجز ويائس، وجد التوكيدات الإيجابية كالبلسم الناعم الذي ينساب على قلبه الفاقد للأمان، ولكنّهُ حقيقةً هو يخدع نفسه ويضيع وقته، وسينتهي به الحال أن يقول «مجال التنمية البشرية كلّه كذب في كذب» لأنهُ لم يجد للتوكيدات أثراً على حياته نسبةً لمفهومه غير المنطقيّ، على عكس الحالة الثانية.

فالتوكيدات الإيجابية بإيجاز لها مفعول جيد وتأثير عظيم على حياة الإنسان الجاد والذي يسعى للتغيير الحقيقي وليس الوهميّ، الذي يؤمن بأن ليس للإنسان إلا ما سعى، والقويّ الذي لا يعرف لليأس طريقاً، ذلك الذي يقع ثم ينهض ألف مرّة، وفي كلّ مرّة ينهض فيها يرى أن طريقه قد اتسع أكثر من ذي قبل، الذي يثق بالله ثمّ بسعيه وقدراته.