حنان الخلفان




عبادة الصيام من أهم ركائز شهر رمضان، يمتنع الفرد عن تناول الطعام من طلوع الفجر حتى غروب الشمس بهدف التحكم في النفس واستدامة الصبر والشعور بالجوع والتواضع أمام الفقراء، فالصيام يعزز قوة الإرادة ويعلمنا قيمة شعور التقرب إلى الله أكثر وأكثر، وختم القرآن وتلاوته والخشوع فيه لأكثر من مرة، وذلك لن يتحقق إلا بتخصيص الوقت للأعمال الصالحة وتحقيق التطور والارتقاء الروحاني وتأكيد الالتزام بالنزاهة والاستقامة والوفاء والمثابرة، وربط تلك القيم بالجانب الروحي والديني.


فما أجمل شعور الذهاب إلى صلاة التراويح طيلة أيام الشهر الفضيل والتلذذ في صلوات قيام الليل في آخر عشرة أيام، ناهيك عن تلك الليالي التي تشع بالروحانية التي تمنحنا علماً وموعظةً عظيمة، ففيه شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر يزداد فيه رزق المؤمن، ومن فطَّر فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه، أهلاً شهر الغفران والتسامح والعفو والتصالح مع الآخرين، شهر رمضان الذي يجتمع فيه أفراد الأسرة حول مائدة واحدة تعزيزاً للروابط الاجتماعية والعائلية.

هناك أكثر بكثير مما ذكرت، وما ذكرته غيض من فيض، فشهر رمضان نقطة تحوّل لنا جميعاً ولأبنائنا، فكم منا سيستغل هذا الشهر الكريم للتركيز على الأمور الأساسية في الحياة وسيقيم أولوياته مرة أخرى؟ سيعلمنا التحكم في أفعالنا وكلماتنا وانفعالاتنا السلبية وكذلك الاعتدال في تناول طعامنا والتحكم بشهواتنا الغذائية، كما أنه فرصة ثمينة جداً للمدخنين للتخلص من هذه العادة السيئة وهو حافز قوي للإقلاع عنه.

فلنفكر قليلاً أن رمضان هذا قد يكون الأخير في محطة حياة أحدنا (أطال الله في أعماركم)، فهي قد تكون آخر محطة وقود في مسيرة أعمارنا قبل الرحيل إلى الله، وآخر محطة للتوبة والاستقامة وردّ المظالم والأذى عن الناس وبرّ الوالدين والعودة للفطرة الإنسانية السليمة التي خلقنا لأجلها من عاداتنا الإسلامية، ألا تريدون استغلالها بشكل أفضل من الأعوام السابقة. فاللهم اجعلنا من المتزودين في محطة رمضان هذا، ولا تجعلنا من الساهين ولا المقصرين ولا تجعلنا من الغافلين ولا المحرومين.

أخي العزيز.. أختي العزيزة..

اجعلوا جل همكم واهتمامكم هذا الشهر الفضيل المبارك وأعدوا أنفسكم وأولادكم لاستقباله في الطاعات التي تثُمر لبّها وجوهرها الحضارة والرقي في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة. فيا رب بارك لنا في أوقاتنا وبلغنا مرضاتك وصبَّ على أمتنا الخير والرحمة والمغفرة يا أكرم الأكرمين.