يعتقد الكثير من الناس أن الإعاقة تتعارض مع الإبداع والموهبة، على اعتبار أن الأشخاص ذوي الإعاقة لديهم قدرات متدنية في إحدى المجالات الجسمية أو الحسية وبالتالي تتسبب بعدم القدرة على التفكير الابتكاري والإبداعي، إلا أن الواقع يشير لخلاف ذلك وأن الأشخاص ذوو الإعاقة لديهم عزيمة للمنافسة وإثبات الذات أمام الآخرين، وإذا لم يكن هناك انخفاض في القدرات الذهنية للمعاق فهذا لا يمنع من وجود موهبة عنده في مجال ما تستحق منا البحث عنها وتنميتها ورعايتها.

ومما لا شك فيه أن هناك علاقة قوية بين الإبداع والإعاقة، حيث إن الشخص المعاق تتكون لديه ردة فعل على الإعاقة في وجهين، الوجه الأول أن يحطم ذاته ويعزل نفسه عن المجتمع وهنا تعتبر الإعاقة تغلبت عليه. وأما الوجه الثاني هو الشخص الذي يندمج مع المجتمع، وإن يقوم باكتشاف ذاته والقدرات والمواهب التي يمتلكها ويقوم بتنميتها، لتخرج على شكل إبداعي، وينافس بها الآخرين وبذلك الإعاقة تكون لهو بمثابة دافع للمنافسة على الإبداع وإثبات الذات.

فالأشخاص ذوو الإعاقة ليسوا مختلفين عن الآخرين، إلا أن البعض منهم جعلته الإعاقة يعيش في ظروف تتطلب منه التحدي وأن يكون شخصاً ذا عزيمة قوية، وبالتالي يقوم بتعويض النقص الجسدي أو الحسي بشكل مهارات فنية، ورياضية، وثقافية، وأدبية، وقيادية، والكثير من المهارات الأخرى.



وهناك الكثير من الأمثلة الناجحة في المجتمع وحديثها الشاب وليد الزيدي الذي عُين وزيراً لوزارة الشؤون الثقافية التونسية. وهو أكاديمي مختص في البلاغة وكذلك في علم نفس الإعاقة وأستاذ بالجامعة التونسية، لم يمنعه فقدان بصره على النجاح والتميز في دراسته حتى أصبح نموذجاً يحتذى به لدى الشباب المحيطين به وملهماً لكل الأشخاص من ذوي الإعاقة.

وعلى خلاف ما يعتقده البعض فإن النماذج المشرقة من الأشخاص ذوي الإعاقة كثيرة أثبتت وما زالت تثبت أن الظروف والبيئة المحيطة هي ما يحد من قدرة الإنسان أو العكس ومتى توفرت الظروف المناسبة تمكن الأشخاص ذوو الإعاقة من الاندماج في بيئتهم وتمكنوا من العمل وخوض المنافسات الرياضية، والإبداع، وإثبات تفوقهم أيضاً.

حسين حماد