لا يزال الغموض مستمر حول سبب معاناة لاعبات كرة القدم من الإصابات بالرباط الصليبي بنسبة أكبر من اللاعبين الرجال، واختلفت وجهات نظر أطباء ومدربين حول سبب هذه النسبة، التي تجعل احتمالية إصابة اللاعبة أكبر بمعدل من 5 إلى 8 مرات مقارنة بالرجل.

ورصدت صحيفة "غارديان" البريطانية في تقرير لها عدة آراء، لم تجمع على سبب أو تفسير واحد، فهناك حديث عن التحيز الجنسي في الرياضة بشكل عام لصالح الرجال، حيث يتم توفير البيئة والملاعب والمعدات الأفضل لهم مقارنة بالنساء، بينما التفسير الآخر يشير إلى أن البنية الجسدية للمرأة وطبيعتها، وراء معدلها الأكبر من إصابات الرباط الصليبي (ACL).



وتتسبب إصابة الرباط الصليبي في الركبة في غياب اللاعب أو اللاعبة لمدة لا تقل عن 6 أشهر، حيث يجري عملية جراحية ثم يبدأ مراحل تأهيلية، مما قد يجعل الموسم الكروي شبه منته لمن تعرض أو تعرضت للإصابة.

لكن فوق العشب الأخضر، تقول إيكونوميست، فإن كرة القدم متساوية تمامًا بين الرجال والنساء، تمارس بملاعب في نفس الحجم، وبنفس مقاييس الكرة، ونفس القواعد مثل الرجال، وهي معضلة معقدة تستحق إعادة النظر.

وأجرى الطبيب خوان كارلس مونلو، عمليات جراحية مختصة بإصابات الرباط الصليبي لكل من اللاعبة الإسبانية الحاصلة على الكرة الذهبية، أليكسيا بوتياس، ولاعب برشلونة والمنتخب الإسباني الشاب غافي، بجانب عدد من اللاعبين البارزين الآخرين.

وقال مونلو لصحيفة "غارديان"، إنه يعتقد أن النساء أكثر عرضة لإصابات الرباط الصليبي الأمامي بسبب تكوينها الجسدي.

وأوضح: "هذه الإصابات شائعة في الألعاب الرياضية التي تتطلب من اللاعبين التوقف بشكل مفاجئ خلال دوران أجسادهم.. ليس للنساء حوض أوسع فحسب، بل أرجلهن أكثر استقامة، مما يجعلهن أكثر عرضة لهذا النوع من الإصابات، خصوصا حينما يهبطن على الأرض بعد القفز".

كما أشار إلى أن هناك تأثير للدورة الشهرية، موضحا أنه خلالها "يكون هناك ارتفاع وانخفاض في الهرمونات، مما يتسبب في تراخي الأربطة ويجعل الإصابة أكثر احتمالا".

لكن هناك من يرون أن الأمر لا يرتبط بالتكوين الجسدي وطبيعة المرأة، بل هناك قضايا اجتماعيا تلعب دورا أيضًا.

وفي هذا الصدد، أشارت أستاذة قسم العلاج الطبيعي بكلية علوم التأهيل بجامعة مانيتوبا بكندا، جوان بارسونز، إلى أنها ترفض مثل هذا النهج، وقالت: "نحارب منذ مئات السنين هذا الاعتقاد الطبي الذي يضع اللوم على بيولوجيا المرأة".

وتابعت الأستاذة التي شاركت في تأليف دراسة حول دور التحيز الجنسي في إصابات الرباط الصليبي: "نحن لا نستبعد البيولوجيا، لكن نقول إن البيئة المحيطة تلعب دورا. هناك تأثير واضح للتحيز الجنسي على كل المستويات".

نشر موقع "ليفسترونغ" الصحي تقريرا جديدا تضمن بعض النصائح للتغلب على المشاكل المرتبطة بضعف الركبتين مع التقدم في العمر ودعمت مدربة اللياقة البدنية بالفريق الأول للسيدات في نادي إسبورتيو أوروبا بمدينة برشلونة، لوسيا مارتينيز، هذا الرأي، وقالت: "لو نظرنا إلى الأطفال في ساحة المدرسة وقت الراحة، فكم عدد الفتيات اللاتي يلعبن كرة القدم؟".

وتابعت أن "الفتيات يمارسن الرياضة بدرجة أقل من أقرانهم الذكور، قبل أن يقررن التحول فجأة للعب كرة القدم. هذا يمثل مشكلة، الأولاد لديهم ميزة تكمن على وجه التحديد في تشجيعهم طوال الوقت على ممارسة الرياضة، عكس الفتيات".

وأكدت مارتينيز أن الأمر لا يتعلق باللياقة البدنية "بل بوعي يأتي من اللعب منذ سن مبكرة"، مضيفة: "معظم إصابات الرباط الصليبي للرجال والنساء، لا تحدث بسبب الاحتكاك، لكن بسبب حركات غير مناسبة تكون في الغالب بسبب تغيرات مفاجئة في اتجاه اللعب أو الهبوط بشكل سيء بعد القفز".

وأشار مونلو إلى عناصر أخرى بجانب "البيولوجيا"، مثل جودة الملاعب وأنواع الأحذية وزيادة الضغط على اللاعبات في ظل تنامي شعبية كرة القدم النسائية.

وأكدت الأستاذة بقسم الصحة بجامعة باث: "أود القول إن التحيز الجنسي وليس الجنس، هو العامل الأساسي للإصابة. الابتعاد عن التركيز على عظم الحوض والهرمونات، يمكن أن يساعدنا على فهم سبب تعرض النساء لمزيد من الإصابات، ويمكننا البدء في الوقاية بشكل أكثر فعالية".