أصرّت الحكومة الإيرانية على المضي قدماً في خطة رفع الدعم الحكومي عن السلع، وأعلنت رسمياً أمس ارتفاع 4 سلع أساسية، في حين تجددت تجمعات المعلمين ضد تدهور الأوضاع المعيشية في عدة مدن إيرانية. وشددت السلطات القبضة الأمنية على مدن محافظة الأحواز، جنوب غربي البلاد، خشية توسع نطاق الحراك الاحتجاجي المتقطع الذي بدأ قبل أيام، مع قفزة أسعار الخبز والطحين.

وأفادت وسائل إعلام حكومية، أمس، أن أسعار الزيت والألبان والدجاج والبيض قد ارتفعت بناء على خطة «إصلاح نظام دفع المعونات» التي أقرتها الحكومة لوقف دعم الدولار لمستوردي السلع الغذائية، أو ما يعرف بـ«الدولار الحكومي» الذي أقرته الحكومة السابقة.

وكانت الحكومة قد بدأت الخطة بوقف الدعم عن أسعار الخبز والطحين، ما أدى إلى رفع أسعار الخبز إلى نحو 10 أضعاف، كما اختفت مادة المعكرونة من الأسواق.



وواصل الدولار مساره التصاعدي، وتخطي للمرة الثانية منذ تولي إبراهيم رئيسي، حاجز 30 ألف تومان. ووصل سعر الدولار الواحد 30 ألفاً و750 توماناً ارتفاعاً من 29 ألف تومان.

ويعادل التومان 10 ريالات، والريال العملة الرسمية للبلاد التي فقدت أكثر من 70 في المائة، بعد إعادة العقوبات الأميركية، في أعقاب انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وعادت نقابات المعلمين إلى تنظيم تجمعاتها الاحتجاجية مجدداً بعدما انتهت مهلة 5 أيام للإفراج عن المعلمين الموقوفين في تجمعات الأسبوع الماضي. وقالت «اللجنة التنسيقية لنقابات المعلمين» إن قوات الأمن أوقفت عشرات المعلمين في أنحاء البلاد.

وأشارت بيانات الهيئة التنسيقية إلى تجمعات في مدن طهران، وشيراز، والأحواز، وأصفهان، وكرج، وسنندج، وأردبيل، ورشت، إضافة إلى عشرات المدن في المحافظات الإيرانية.

في طهران، حاول المعلمون التجمهر أمام مقر البرلمان. وذكرت اللجنة عبر حسابها على شبكة تليغرام أن قوات مكافحة الشغب والشرطة والأجهزة الأمنية، انتشرت في محيط مقر البرلمان بمنطقة بهارستان، وسط العاصمة، لمنع التجمعات.

وكتب ناشطون على «تويتر» إن سيارات «فان» تابعة للشرطة الإيرانية أغلقت شارع بهارستان، الذي يفصل بين مقر وزارة الثقافة ومقر البرلمان، مشيرة إلى اعتقال معلمين اثنين على الأقل في التجمعات.

وقال ناشطون إن قوات الأمن اعتقلت أكثر من 50 شخصاً في مدينة ياسوج، مركز محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، جنوب غربي البلاد، وسط أجواء أمنية مشددة. وقالت نقابة المعلمين في محافظة الأحواز إن السلطات اعتقلت ناشطاً نقابياً شارك في التجمع الاحتجاجي أمام دائرة التعليم.

وقالت اللجنة التنسيقية لنقابات المعلمين، في بيان، إن «إطلاق سراح المعلمين المعتقلين، وإنهاء جميع التعامل العنيف والملاحقة القانونية ضد المعلمين، والإسراع في تنفيذ إصلاحات الأجور ورواتب التقاعد» من بين مطالب المشاركين في الاحتجاجات.

منذ أشهر، تشهد مدن إيرانية عدة تجمعات للمعلمين الذين يطالبون بالإسراع في تنفيذ إصلاحات مرتبطة بالأجور ورواتب التقاعد، وذلك في ظل صعوبات اقتصادية ومعيشية، تلقي المؤسسة الحاكمة اللوم فيها بشكل أساسي على العقوبات الأميركية، فيما يشير المراقبون الإيرانيون إلى «سوء الإدارة»، وهي أحد محاور الخلافات الداخلية خلال السنوات الأخيرة. وأصدر القضاء الشهر الماضي حكماً بالسجن 5 أعوام بحقّ المدرّس النقابي رسول بداقي، على خلفية التظاهر من دون ترخيص.

وأفاد حساب «بيت المعلمين الإيرانيين» على شبكة تليغرام، أمس، بأن «المجلس الأعلى للأمن القومي عقد اجتماعاً لضبط الاحتجاجات الشعبية»، ونقل عن «مصادر مطلعة» أن «قطع الإنترنت كان محور النقاش في الجلسة». وأضاف: «من المحتمل أن تقطع خدمة الإنترنت الليلة أو غداً».

في وقت لاحق، شهدت عدة مدن في غرب وجنوب غربي إيران احتجاجات ليلية ضد تدهور الوضعي المعيشي. وتداول ناشطون مقاطع فيديو من تجدد الحراك الاحتجاجي في عدة مدن بمحافظة الأحواز. كما امتدت الاحتجاجات إلى محافظة لرستان، وتحديداً بمدينتي شهركرد ودرود.

وأظهرت تسجيلات فيديو تدوولت على شبكة «تويتر»، في وقت متأخر الأربعاء، احتجاجات متقطعة في محافظة الأحواز، جنوب غربي البلاد. ففي حين ذكرت مصادر محلية أن السلطات فرضت طوقاً أمنياً على جميع الطرق المؤدية إلى مدينة الخفاجية، تدوولت تسجيلات من احتجاجات حاشدة في مدينة دزفول، شمال المحافظة، وتصاعد النيران في أكبر محطات الوقود وسط المدينة. كما رشق محتجون قوات الشرطة بالحجارة بعد إطلاقها الغاز المسيل للدموع.

وقالت مصادر محلية إن السلطات اعتقلت ما لا يقل عن 50 شخصاً في الخفاجية، دون أن تعرف الوجهة التي نقلتهم إليها السلطات.

وقال مرصد «نت بلوكس»، الذي يراقب عمليات حجب الإنترنت في العالم، في تغريدة على «تويتر»، مساء الأربعاء، إن بيانات الشبكة تظهر انقطاعاً في الاتصال الدولي «رايتل» لمزود إنترنت الهاتف المحمول والخطوط الثابتة في إيران، مؤكدة أن «تباطؤ الإنترنت قد يحدّ من التدفق الحر للمعلومات وسط احتجاجات».