معركة صامتة وبدون ذخيرة تخوضها نحو 20 سفينة عسكرية صينية وتايوانية وكأنها "عض على الأصابع" دون اشتباك.

وكالة رويترز للأنباء نقلت عن مصدر قوله إن من بين السفن العشرين نحو عشر سفن صينية وعشر أخرى تايوانية، تتواجد وجها لوجه بالقرب من الخط الأوسط لمضيق تايوان.



المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أكد أن الصين أجرت محاكاة لشن هجمات على أهداف عسكرية أجنبية قبالة الساحل الجنوبي الغربي لتايوان اليوم الأحد.

محاكاة لضربات "دقيقة" ضد "أهداف رئيسية" في "تايوان والمياه المحيطة" بها، في اليوم الثاني من تدريبات "التطويق الكامل" تستمر حتى الإثنين، وتؤكد بكين أنها تحذير "جدي" بعد لقاء رئيسة تايوان تساي وينغ إين مع رئيس مجلس النواب الأمريكي.

ودانت تايوان بشدة العملية التي أطلق عليها اسم "السيف المشترك"، بينما دعت الولايات المتحدة بكين إلى "ضبط النفس"، مؤكدة أنها تبقي على قنوات اتصالها مع الصين "مفتوحة".

مناورات بدأت بعد اجتماع الأربعاء في كاليفورنيا بين الرئيسة التايوانية ورئيس مجلس النواب الأمريكي كيفن مكارثي، وعدت بكين بالرد عليه بإجراءات "حازمة وقوية".

وأمام ذلك قال التلفزيون الصيني، السبت، إن المناورات تهدف إلى بناء قدرات صينية "للسيطرة على البحر والمجال الجوي والمعلومات (...) من أجل خلق ردع وتطويق كامل" لتايوان.

وكانت وزارة الدفاع التايوانية أعلنت الأحد أنها رصدت تسع سفن حربية و58 طائرة صينية حول الجزيرة.

وتراقب تايوان "تحركات الجيش الصيني من خلال نظام رصد واستطلاع استخباراتي مشترك"، مؤكدة أن الطائرات الحربية التي رُصدت هي مقاتلات وقاذفات.

ماذا تفعل الصين؟

من جهتها، أجرت الصين "محاكاة لضربات دقيقة مشتركة ضد أهداف رئيسية في الجزيرة والمياه المحيطة" بها، كما ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية الأحد.

وقالت قناة التلفزيون العامة الصينية "سي سي تي في" إن القوات الجوية نشرت عشرات الطائرات "لتحلق في المجال الجوي المستهدف" بينما نفذت القوات البرية تدريبات على "ضربات دقيقة متعددة الأهداف".

وذكرت بكين أنها حشدت مدمرات وقاذفات صواريخ سريعة ومقاتلات وأجهزة تشويش في المناورات.

وتعتبر بكين تايوان البالغ عدد سكّانها 23 مليون نسمة جزءًا لا يتجزأ من أراضي الصين وإن كانت تتمتع بحكم ذاتي منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في 1949.

المتحدث باسم الجيش الصيني شي يي حذر بدوره من أن المناورات "تحذير جدي من التواطؤ بين القوى الانفصالية الساعية إلى (استقلال تايوان) والقوى الخارجية فضلاً عن أنشطتها الاستفزازية".

والسبت، جددت واشنطن دعوتها إلى "عدم تغيير الوضع القائم". وقالت وزارة الخارجية الأمريكية: "نحن على ثقة من أن لدينا موارد وقدرات كافية بالمنطقة لضمان السلام والاستقرار".

"تسوية نهائية"

السلطات البحرية في فوجيان قالت إن مناورات بالذخيرة الحية ستُجرى الاثنين في مضيق تايوان قرب ساحل هذه المقاطعة الواقعة مقابل الجزيرة.

ويبلغ عرض أضيق جزء من مضيق تايوان بين الساحل الصيني والجزيرة نحو 130 كيلومترًا.

وحذر المحلل العسكري سونغ تشونغبينغ من أن هذه التدريبات ذات البعد "العملياتي" تهدف إلى إثبات أنه "إذا تكثفت الاستفزازات" سيكون الجيش الصيني مستعدا "لتسوية مسألة تايوان نهائيّل".

ودانت رئيسة تايوان تساي إينغ وين السبت "النزعة التوسعية" للصين، مؤكدةً أن الجزيرة "ستواصل العمل مع الولايات المتحدة ودول أخرى.. دفاعًا عن قيم الحرية والديمقراطية".

وزارة الدفاع التايوانية قالت بدورها إنها "تتابع الوضع" وكلفت الجيش "الرد" على النشاطات العسكرية الصينية.

وتنظر الصين باستياء إلى التقارب الجاري منذ سنوات بين السلطات التايوانية والولايات المتحدة التي تُقدم للجزيرة دعمًا عسكريا مهمًّا رغم عدم وجود علاقات رسميّة بينهما.

جيمس شار، الباحث في برنامج الصين في معهد الدراسات الدفاعية والاستراتيجية في سنغافورة، اعتبر أن التدريبات تؤكد "اعتماد بكين على الخطاب القوميّ في توجهها لجمهورها المحلّي وتسجيلها نقاطًا سياسيّة في الداخل".

وأكد "سيكون من الخطأ تجاهل أنّ الجيش بدأ تدريباته هذه المرّة بعد اختتام ماكرون زيارته الصين".

ومع ذلك، من المستبعد مبدئيا حدوث تصعيد بالشدة نفسها التي سجلت في أغسطس/آب 2022، حسب شار الذي رأى أن بكين تحاول "إعادة الدفئ" إلى علاقاتها مع أوروبا وانتظرت "انتهاء" زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبدء تدريباتها.

وأجرت الصين الصيف الماضي مناورات عسكرية غير مسبوقة حول تايوان وأطلقت صواريخ ردا على زيارة للجزيرة من قبل الديموقراطية نانسي بيلوسي التي كانت آنذاك رئيسة لمجلس النواب قبل مكارثي.

اعترفت الولايات المتحدة بجمهورية الصين الشعبية في 1979 ويُفترض نظريا ألا يكون لها اتصال رسمي مع جمهوريّة الصين (تايوان) بموجب "مبدأ الصين الواحدة" الذي تدافع عنه بكين.