وضعت التصريحات التي أطلقها الرئيس الإيراني حسن روحاني، وتتعلق بإشادته باحتكار الحكومة للبث الإذاعي والتلفزيوني في إيران، الرجل في عين العاصفة، وكان هو نفسه من انتقد التغطية المنحازة لشبكة التلفزيون أكثر من مرة عام 2013.

وفي محاولة لاسترضاء المسؤولين في هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، أشاد الرئيس روحاني باحتكارهم للبث في إيران، واصفا ذلك بأنه "ميزة" للهيئة، الأمر الذي فتح عليه بابا من الانتقادات من خبراء ورؤساء إيرانيين سابقين.

واشتكى روحاني خلال اجتماع مع رئيس وكبار مديري هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، الاثنين الماضي، من الانتقادات المفرطة لإدارته من قبل التلفزيون الحكومي، قائلا إن "الانتقادات المفرطة ستخيب آمال الأمة".



لكن في الواقع، فقد انتهى الاحتكار فعليا قبل عقدين من الزمن، عندما بدأت أجهزة التلفاز الفضائية الناطقة باللغة الفارسية في إرسال برامج إلى إيران من أوروبا والولايات المتحدة، بحسب ما ذكر موقع "راديو فاردا" الإيراني.

ويعد هذا أول اجتماع يعقده الرئيس الإيراني مع المسؤولين في هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومي، ويتم تعيين رئيس الهيئة مباشرة من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، وعادة ما يتم اعتماد مديريه من قبل مكتب خامنئي.

وخلال الاجتماع مع مديري التلفزيون الحكومي، قال روحاني، الذي لم يبدُ سعيدًا بشأن الانتقادات المستمرة لإدارته عبر التلفزيون الوطني، إن الاجتماع رُتب له ليشكر المديرين على تعاونهم مع فرقة مكافحة وباء كورونا.

وقال إن كل ما يتم بثه على شبكات الهيئة يعكس وجهة النظر الرسمية للحكومة الإيرانية، مشيرا إلى أن المشاهدين خارج إيران يرون أن التلفزيون الحكومي يعكس "صوت ورؤية إيران والنظام السياسي الإيراني".

لكن العديد من النقاد، بمن في ذلك ثلاثة من رؤساء إيران منذ عام 1997، عبروا عن رفضهم لاحتكار البث التلفزيوني، ووصفوه في كثير من الأحيان بأنه "أحادي وغير مرغوب فيه".

ومع تنامي تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت أنظمة نشر الأخبار الرسمية الإيرانية تفقد تأثيرها، خصوصا في صفوف الشباب الإيرانيين، الذين يجدون في شبكات التواصل متنفسا لهم.

حتى أن بعض الخبراء والمحللين أرجعوا فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية لعام 2017 إلى زيادة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد.

وكتب أستاذ علم الاجتماع بجامعة طهران، يونس نوربخش، في تحليل لنتائج الانتخابات: "تمكنت وسائل التواصل الاجتماعي من الوقوف ضد الاتجاه الذي اتخذه التلفزيون الحكومي" الذي دعم منافس روحاني، و"خلق مؤيدين في الفضاء الإلكتروني لروحاني".

في الوقت نفسه، لم تعد شبكات الإعلام الحكومية في إيران المرجع بالنسبة للمجتمع فيما يتعلق بالأخبار والمعلومات حول الأحداث الجارية.

وكتب المحلل الإعلامي قادر بستاني مؤخرًا في صحيفة "شرق" أن "وسائل التواصل الاجتماعي لم تترك مجالًا كبيرًا لتقارير التلفزيون الحكومي، ووصف أصبحت الأخطاء الفادحة في التلفزيون بأنها "فيروسية".

وشدد على أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية بحاجة إلى تغيير جاد في نهجها، قائلا إن "المراسلين يواجهون صعوبة عند الحديث مع الناس في أن يجدون من يعكس رؤية الهيئة الحكومية".