أثارت تغريدة على "تويتر" نشرها أحد أعضاء المحكمة الدستورية العليا، في تركيا، جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية، الليلة الماضية، لاسيما بين وزارة الداخلية، ونواب حزب العدالة والتنمية الحاكم من جهة، وبين المحكمة الدستورية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، من جهة ثانية.

وكتب عضو المحكمة الدستورية العليا، إنغين يلدريم، في وقت متأخر الليلة الماضية، عبر حسابه في تويتر، "الأنوار مضاءة" مع صورة لمبنى المحكمة الدستورية العليا، وقد أضيئت كل الأنوار فيها، ما يعني أن المحكمة الدستورية تعمل في تلك الساعة المتأخرة.



وجاءت تغريدة يلدريم، بعد ساعات من رفض المحكمة الجنائية المركزية الرابعة عشرة في اسطنبول، طلب المحكمة الدستورية العليا، بإعادة محاكمة النائب السابق، عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، أنيس بربر أوغلو، وحظي قرار المحكمة المحلية، بانتقادات واسعة لكونه غير دستوري.

وفسر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، المؤيدون للحكومة، تغريدة يلدريم، على أنها رسالة انقلابية، قائلين إن هيئة الأركان العامة، في العقود الماضية، كانت تلمح إلى نية الجيش بتنفيذ انقلاب، عبر إضاءة مبنى هيئة الأركان، كرسالة تحذيرية للحكومة.

وبعد فترة وجيزة من انتشار تغريدة يلدريم، نشرت وزارة الداخلية صورة لمبنى خاص بها، قائلة: "لم تنطفئ أضواؤنا أبداً".

بعد جدل واسع، عاد يلدريم، لتوضيح سبب نشره التغريدة، فقال: "قصدت أنوار القانون وليس أشياء أخرى".

وبعد نشر يلدريم لتفسيره، سارعت وزارة الداخلية، إلى نشر تغريدة أخرى قائلة إن العمليات ضد حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد مستمرة، "مع استمرار أنوارنا المضاءة".

وهذه ليست المرة الأولى، التي يخرج فيها خلاف بين الوزارة والمحكمة العليا، إلى العلن، فوزير الداخلية، سليمان صويلو، استهدف المحكمة الدستورية، بشكل متكرر، بسبب أحكام وقرارات أصدرتها، تبطل قرارات للحكومة التركية، حيث ذهب صويلو، إلى اتهام رئيس المحكمة الدستورية العليا، زوهتو أرسلان، أنه وظف أتباع الداعية الإسلامي، المقيم في الولايات المتحدة، فتح الله غولن، عندما كان رئيساً لأكاديمية الشرطة.

وفي إحدى المرات، رد يلدريم، على صويلو بالقول: "لا يحق لأي هيئة أو سلطة أو فرد إصدار أوامر للمحاكم والقضاة".

وقبل أيام صرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بضرورة إصلاح المحكمة الدستورية العليا، في تأكيد لتصريحات حليفه القومي المتشدد، وزعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، الذي كان بادر بالدعوة إلى إصلاح المحكمة الدستورية العليا، وفق النظام الرئاسي المعمول به في البلاد.

ومع استمرار الجدل بين وزارة الداخلية، وعضو المحكمة الدستورية العليا، حتى وقت متأخر من ليلة الثلاثاء – الأربعاء، كتب يلدريم تغريدة جديدة، عبر تويتر، قال فيها إنه حزين من كيفية تفسير تغريدته، وأضاف: "كان هدفي التأكيد على أن المحكمة الدستورية، هي نور القانون، لم ألمح أبداً إلى أي شيء مناف للديمقراطية".

لكن تغريدات يلدريم لم تُعفِه من انتقادات قيادات في الحزب الحاكم، ومواليه، فانتقد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم، عمر جيليك، يلدريم، في تغريدة عبر تويتر صباح الأربعاء، قائلاً: "إنه لأمر مخزٍ، وغير محترم، أن يستخدم عضو المحكمة الدستورية، شعاراً للتدخلات (الانقلابات) التي جعلت تركيا تعاني في الماضي، من الخطير، أن يستخدم عضو المحكمة خطاباً يرمز إلى قتل القانون".

وتابع "لقد دمرت هذه التدخلات (الانقلابات) النظام الدستوري، وجعلت شعبنا يعاني، لقد تم تدمير نظامنا القانوني نتيجة لهم".

كذلك رصدت العربية.نت، العديد من تغريدات نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، تنتقد إنغين يلدريم، وسط تفاعل كبير من مؤيدي الحكومة، والرئيس أردوغان، حيث نشر بعضهم، صوراً للقصر الرئاسي، وعلقوا بالقول إن أنوار القصر مضاءة، ما دفع يلدريم، إلى إقفال صفحته الشخصية، أمام العموم، واقتصارها على الأصدقاء، والمتابعين.

ومن المقرر أن تعقد المحكمة الدستورية اجتماعاً استثنائياً، الأربعاء، كما أصدرت بياناً قالت فيه إن "كتابة أحد الأعضاء من حسابه الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي لا تعكس آراء المحكمة".

وجاء في البيان أن "المحكمة تقف إلى جانب دولة القانون الديمقراطية وترفض كل المحاولات المناهضة للديمقراطية ضد النظام الدستوري مثلما جاء في البيان الصادر في 15 يوليو.