قالت وكالة "أسوشيتد برس"، إن كوريا الشمالية أطلقت، الخميس، أول صواريخها الباليستية منذ تولى الرئيس الأميركي جو بايدن منصبه، في إطار محاولاتها لتعزيز قدراتها العسكرية وزيادة الضغط على واشنطن، ما أثار ردود فعل غاضبة.

وإطلاق كوريا الشمالية صواريخ باليستية محظور بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي، وإذا تأكد الإطلاق، فسيمثل تحدياً جديداً لجهود بايدن للحوار مع بيونغيانغ، التي قوبلت بالرفض حتى الآن، حسب الوكالة الأميركية.

تهديد للسلم والأمن



وفي طوكيو، الحليفة بدورها لواشنطن، أكّد رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا أنّ المقذوفين الذين أطلقتهما بيونغيانغ، الخميس، كانا صاروخين بالستيين، سقطا في بحر اليابان خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة لبلاده.

وقال سوغا للصحافيين إنّ "كوريا الشمالية أطلقت صاروخين بالستيين"، مشيراً إلى أنّ آخر تجربة على إطلاق صاروخ باليستي أجرتها بيونغ يانغ تعود إلى 29 مارس 2020.

وأضاف: "هذا يهدّد السلم والأمن في بلدنا والمنطقة، كما أنّه ينتهك قرار الأمم المتحدة"، لافتاً إلى أن بلاده ستنسق بشكل وثيق مع واشنطن وسيول بشأن أنشطة الاختبار في كوريا الشمالية.

وفي سيول، أعرب مسؤولون في اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي عن "قلقهم العميق" من قيام كوريا الشمالية بإطلاق صواريخ، بينما تتطلع إدارة بايدن لاستكمال مراجعة السياسة بشأن كوريا الشمالية.

وقالت هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية، إن صاروخين قصيري المدى أُطلقا حوالي 7:06 صباحاً و7:25 صباحاً (بالتوقيت المحلي) من منطقة على الساحل الشرقي لكوريا الشمالية، وحلقا لمسافة 450 كيلومتراً (279 ميلًا) على ارتفاع 60 كيلومتراً (37 ميلً) قبل الهبوط في البحر.

وقالت إن جيش كوريا الجنوبية كثف المراقبة في حالة حدوث "استفزازات أخرى" من كوريا الشمالية.

ترقب أميركي

وقال المتحدث باسم القيادة الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ، النقيب مايك كافكا إن الجيش الأميركي كان على علم بالصواريخ، ويراقب الوضع بينما يتشاور بشكل وثيق مع الحلفاء.

وأضاف كافكا: "هذا النشاط يسلط الضوء على التهديد الذي يمثله برنامج الأسلحة غير المشروع لكوريا الشمالية على جيرانها والمجتمع الدولي".

بينما أكد مسؤول أمريكي كبير آخر، شريطة عدم الكشف عن هويته، المعلومات الواردة من الجيش الكوري الجنوبي، قائلاً إن التقييمات الأولية تشير إلى أن كوريا الشمالية أطلقت صاروخين باليستيين قصيري المدى.

عهد بايدن

وجاء الإطلاق بعد يوم من إعلان مسؤولين أميركيين وكوريين جنوبيين أن كوريا الشمالية أطلقت أسلحة قصيرة المدى يُفترض أنها صواريخ "كروز" على بحرها الغربي خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وكوريا الشمالية لديها تاريخ في اختبار الإدارات الأميركية الجديدة بإطلاق الصواريخ والاستفزازات الأخرى التي تهدف إلى إجبار الأميركيين على العودة إلى طاولة المفاوضات.

ومع ذلك، كانت عمليات الإطلاق، الخميس، بمثابة "استفزاز محسوب" مقارنة بالتجارب النووية والصاروخية العابرة للقارات في عام 2017 التي أثارت مخاوف من الحرب قبل أن يلجأ الشمال إلى الدبلوماسية مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب في عام 2018، حسب "أسوشيتد برس"

في غضون ذلك، يقول محللون إن كوريا الشمالية ستعمل تدريجياً على زيادة عروض أسلحتها لزيادة قدرتها على المساومة، إذ تسعى للعودة إلى المحادثات المتوقفة التي تهدف إلى الاستفادة من الأسلحة النووية لتحقيق فوائد اقتصادية تمس الحاجة إليها.

ويأتي إطلاق هذين الصاروخين بعيد أيام من إطلاق بيونغيانغ صاروخين قصيري المدى وغير بالستيين فوق البحر الأصفر، أي باتجاه الصين وليس اليابان.

وجاء إطلاق الصاروخين بعد زيارة إلى المنطقة قام بها وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان أنتوني بلينكن، ولويد أوستن لمناقشة قضايا التحالف والأمن في المنطقة، حيث يُنظر إلى الشمال على أنه تهديد مركزي.

وليس من الواضح كيف سترد إدارة بايدن قبل أن تكمل مراجعة سياستها بشأن كوريا الشمالية في الأسابيع المقبلة.

المفاوضات النووية

وتعثرت المفاوضات بشأن البرنامج النووي لكوريا الشمالية بعد انهيار القمة الثانية لكيم جونغ أون مع الرئيس ترمب في فبراير 2019، عندما رفض الأميركيون مطالب كوريا الشمالية بتخفيف العقوبات الكبرى مقابل التنازل الجزئي عن قدراتهم النووية.

ومنذ اجتماع ترمب الأول مع كيم في عام 2018، لم تجر كوريا الشمالية تجارب نووية أو صاروخية بعيدة المدى، على الرغم من أن المحللين يعتقدون أنهم مضوا قدماً في برامجهم في كليهما.

واصلت كوريا الشمالية اختبارات الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى خلال تعليقها للتجارب النووية والبعيدة المدى، لتوسيع قدرتها على ضرب أهداف في كوريا الجنوبية واليابان، بما في ذلك القواعد الأميركية هناك.

وتجاهلت كوريا الشمالية حتى الآن جهود إدارة بايدن للتواصل، قائلة إنها لن تشارك في محادثات ذات مغزى ما لم تتخلَ واشنطن عن سياساتها "العدائية".