عندما تدشن وزارة حكومية خدمة نوعية متفردة، فحري بنا تسليط الضوء عليها وتبيان حسناتها، فإن كنا ندعو إلى تحسين الخدمات وحل مشاكل الناس وتوضيح أوجه القصور، فإننا أيضاً - ومن باب مسؤوليتنا الاجتماعية- يتوجب علينا أن نهتم بنقاط التميز على حد سواء، وما أتحدث عنه اليوم يختص بوزارة الإسكان التي أعلنت بالأمس عن أرقام تبين جدوى طريقة تواصل جديدة تتبعها مع المواطنين، تسهل الوقت والجهد.
أن تخدمك وزارة عن طريق الهاتف، بمسج وعن طريق الإنترنت فهذا قمة في التسهيل، وأن تأتي الأرقام لتظهر أن حجم الاستجابة للاتصالات قد بلغ نسبة 90.10% من مجموع 8188 اتصالاً وارداً، ليس هذا وحسب بل وجود 598 مواطناً تفاعلوا عبر خدمة المحادثة الكتابية المباشرة، و348 حالة في صندوق «تحت أمرك»، و435 شكوى منذ تدشين خدمة النظام الوطني للمقترحات والشكاوى، و191 شخصاً استخدموا البريد الإلكتروني و48% الفاكس الإلكتروني.
كل هذه الأرقام ليست سوى دليل على إيقاع جديد يحرك ركود المعاملات التقليدية الحكومية، وأين؟ في أحد أهم الوزارات الخدماتية.
إن كانت خدمة العملاء هي مجموعة من الممارسات التي تهدف إلى تعزيز مستوى رضا العملاء أي الإحساس بأن الخدمة أو المنتج قد نال رضا العميل وبتعريف أدق هي العملية التي يتم من خلالها تلبية احتياجات وتوقعات العملاء من خلال تقديم خدمة ذات جودة عالية ينتج عنها رضا العملاء، فإن هذا النهج من التواصل خير دليل على تحسين خدمة العملاء لدى وزارة الإسكان.
وإن كانت خدمة العملاء اليوم مقرونة بديناميكية أنشأت حولها النظريات، فإن هذه الديناميكية تطور عملية التبادل المستمر للمعلومات والمعاملات بين العملاء والمؤسسات، التي تحدث عبر مجموعة كبيرة من قنوات الاتصال، مثل الهاتف والبريد الإلكتروني والويب والرسائل النصية، بما في ذلك تلك القنوات التي تقع خارج نطاق التحكم المؤسسي مثل وسائل الإعلام الاجتماعية.
إذا هذا النهج الجديد هو جزء من ديناميكيات العملاء المراد الإبداع فيها، والتنافس حول جودتها بين الجهات المختلفة، وهي أحد المعايير التي يقوم عليها قياس جدوى إدارة العملاء وإدارة علاقات العملاء، ومن هنا فإن خدمة العملاء في وزارة الإسكان استطاعت تقديم الجديد، وبدء عملية تحسين أسلوب التواصل وتسهيله مع الناس ومن أجلهم.
«تحت أمرك» ما أجملها من كلمة، تحمل في دلالاتها الرغبة في الخدمة والمساعدة، وكم نحتاجها عند الحديث عن معاملات الناس في الدوائر المختلفة، فـ«تحت أمرك» كلمة سحرية تفتح باب التواصل الجميل، تحت سقف معقول من الود والمحبة، فتحية للقائمين على هذه الخدمة، وتحية للمبادرين فيها، وهذه دعوة للأخذ بها وتعميمها.
ما أحوجنا إلى ابتداع كل ما يسهل معاملات الناس، فالفكرة ليست في استقبال ما في جعبتهم من استفسارات وشكاوى بل في التجاوب والرد، وعدم ترك أي سؤال دون إجابة وأي استفسار دون إرشاد، فهنا نكون قد أنصفنا المواطن فعلاً.
كم نحتاج إلى مثل هذا النموذج في وزاراتنا المختلفة، وهل يمكن أن يصبح واقعاً معاشاً بأن تتم خدمة المراجعين بوسائل مختلفة لا تتطلب الوصول الشخصي وانتظار طويل على «كونترات» تدار بتوزيع الأرقام!
جميل لو تم تعميم مثل هذا التواصل، والأجمل أن تكون مقرونة بإحصائيات تبين قياس رد الفعل والتجاوب من جهة وتخلق روح المنافسة بين الجهات الأخرى من جهة ثانية.