نشرت الصحف خبراً صغيراً بين ثنايا صفحاتها عن زيارة أبناء الشهداء البواسل لمعرض البحرين الدولي للطيران 2016، وعلى عكس ما كنت أتمنى بأن تكون هذه الزيارة مضرب مثل ونموذج يحتذى به يستحق أن تفرد له مساحة أوسع للتغطية بصور تبين بهجة الحدث وفرحة هذه المشاركة المميزة، جاء الخبر مختصراً صغيراً مصحوباً بصورة واحدة فقط.
هذه الزيارة ليست بنشاط عابر، وليست مجرد دعوة لفئة خاصة لمعرض وطني وحدث هام كهذا الذي احتضنته البحرين، بل هي تجسيد لثقافة التقدير التي يراد لها أن تنتشر وتعم جميع من يستحقها، لا سيما وأن الدراسات النفسية تؤكد على أثر تقدير الذات والمساندة الاجتماعية على الصحة النفسية للفئات المختلفة ومن ضمنهم فئة الأطفال.
إن هذه الزيارة وهذه العناية تجسد المساندة الاجتماعية المطلوبة لتشكيل نضج مجتمعي يقدر الإنسان ويهتم بتنميته، فهذا النموذج ليس سوى واحد من أشكال تطبيق ثقافة التقدير التي نريد لها أن تصبح عرفاً وسلوكاً عاماً في جميع مفاصل مجتمعنا.
إن دعوة أبناء شهداء الواجب إلى حضور فعالية مهمة كهذه، واستقبال وزير المواصلات والاتصالات كمال بن أحمد لهم شخصياً، هو مضرب مثل حقيقي ينم عن الكثير من المعاني الإنسانية الراقية، بل ويعكس نهجاً اجتماعياً مغايراً للرتابة التي نعاني منها في أحيان.
هي ليست مجرد فرحة طفل، وليست زيارة ترسم الفرح على وجوه المشاركين وأمهاتهم، بل هي دعوة تمثل الإحساس بالمسؤولية تجاه هؤلاء الأطفال الذين تجرعوا طعم اليتم بفقدان آبائهم فداء للوطن، وهي دعوة تبين امتنان البحرين لمثل هؤلاء، وتذكير بأن أبناء البواسل دائماً سيكونون موقع تقدير واحترام وعناية.
ثقافة التقدير هذه، هي ثقافة يراد لها أن تنتشر وتعم الفئات المختلفة التي تمثل نماذج مضيئة في المجتمع، فبوجود نموذج هنا وآخر هناك سوف نسهم في رسم خارطة طريق لتعامل إنساني متفرد واحترام خاص لمن يستحق.
إن تقدير الذات ببساطة إحساس مكتسب من البيئة المحيطة، فكلما صلحت هذه البيئة صلحت النتيجة، وكلما أهملت قلت النتائج وساءت.. فشكراً لمثل هذا الاحتضان ولمثل هذه الخطوات الإيجابية الكبيرة في أثرها وإن صغرت في مساحة تغطيتها وحجم تسليط الضوء عليها، شكراً لمنظمي هذه الدعوة، وشكراً لوزير المواصلات والاتصالات على تواجده الشخصي معهم مع مجموعة من المسؤولين، فنعم المثال ونعم الاهتمام الذي يستحقه أبناء جنودنا البواسل.