الشخصية الثالثة، هي الزعيم الصيني الشيوعي الأول، وهو ماوتسي تونج، الذي قاد النضال ثم دخل في معمعة الثورة الثقافية البروليتاريا الكبرى، وقبلها قام بعدة مبادرات أصابت الاقتصاد الصيني والمثقفين الصينيين في مقتل وذلك عام 1958 وفي عام 1962.

ولكن الثورة الثقافية 1966-1976 أطاحت بالكثيرين من قيادات الحزب مما أدى لحالة شبه انهيار للدولة ومؤسساتها الحزبية والثقافية، بل امتدت للجيش حيث أصبح لين بياو وزيراً للدفاع ونائباً للرئيس ماو ثم أطيح به في حادث سقوط طائرة كان يستقلها في داخل الصين. وقد توفي ماوتسي تونج في أواخر1976 وقبله بعدة شهور «في ينايرعام 1976»، كما توفي شوان لاي العقل المفكر والمدبر للصين ونظامها الإداري وإنجازاتها وسياستها الخارجية طوال فترة توليه رئاسة الوزراء منذ وصول الحزب للسلطة وتولى أيضاً لفترة منصب وزير الخارجية ولكنه للأسف عومل معاملة سيئة من قبل ماوتسي تونج خاصة في السنوات الأخيرة من عمره رغم إخلاصه له إخلاصاً منقطع النظير.

وبعد وفاة ماوتسي تونج حاول الشعب الصيني وكثير من مثقفيه وقادته نسيان ماوتسي تونج لممارساته العنيفة والدموية خاصة في فترة الثورة الثقافية، ومع هذا فقد تم الاحتفاظ له بكل صوره ورفاته في ضريح خاص به في الميدان السماوي «تيان مين» المشهور. وقدأعاد الرئيس شي جينبينغ بهدوء الاعتبار للزعيم الصيني ماوتسي تونج بتراثه وأقواله. ويمكننا القول إن الرئيس شي جينبينغ جمع بين ثلاث تجارب في شخصيته، وهي تجربة وفكر وتراث ماوتسي تونج الأيديولوجي، وتجربة وفكر دنج سياو بنج العملي، وشخصية المثقف والإداري المتميز المتمثل في شخصية شوان لاي. وهذا هو التصور الذي خلصت إليه باعتباري من دارسي التاريخ والثقافة والحضارة الصينية عبر العصور حتى العصر الحديث.

ومن هنا نقول إن الزعيم شي جينبينغ ركز على ثلاثة أهداف رئيسة هي:

1- القضاء على الفقر وهذا يتماشي مع أهداف الفكر الشيوعي، وبدا العمل من أجل القضاء عليه في هدوء في فترة القادة الآخرين قبله. ولكن الرئيس شي جعل له أولوية خاصة في برنامجه السياسي.

2- القومية الصينية والسعي لبناء الصين كقوة عالمية عظمى، وهذا يعيدنا لأول خطاب للرئيس شي جينبينغ عندما تولى الرئاسة كما يتضح ذلك من كتابه المشهور بعنوان «عن حكم الصين»، والذي ترجم للغات المختلفة منذ أكثر من عامين، وأضيفت له الكلمات والخطب الجديدة في طبعته الجديدة عام 2017 والتي تم الاحتفال بتدشينها في بعض وربما جميع السفارات الصينية وبخاصة السفارة الصينية في مملكة البحرين، وألقى السفير الصيني تشي جن هونج كلمة متميزة في محتواها عبرت عن فكر الرئيس شي جينبينغ وتوجهاته للفترة الجديدة.

3- الانضباط والولاء للحزب باعتباره الأداة الرئيسة لحكم الصين، وهو الذي أقام الصين الحديثة والسعي لتجنب تأثر الدولة والحزب بأخطر ظاهرتين تعرضت لهما الأحزاب الشيوعية، وهما الفساد وعدم الإنجاز، وأدى ذلك إلى انهيار الاتحاد السوفييتي والنظم الاشتراكية في أوروبا الشرقية.

هذه الأهداف الثلاثة تمثل فلسفة الحزب وأهم الإضافات لدستور الحزب في المؤتمر التاسع عشر. وينبني على هذه الأهداف الرئيسة السعي لإدخال بعض التعديلات وباعتبار فكر الرئيس شي جينبينغ هو الموجه للحزب في الفترة القادمة لبناء صين قوية وعظيمة بحلول عام 2050، وهذه الإضافة للرئيس بالاسم كمرشد للحزب حتى عام 2050، وهذا يعني ارتفاع مكانة الرئيس شي جينبينغ ليكون في مصاف الزعيمين ماوتسي تونج ودنج سياو بنج، وهذا ما قد ينطوي ضمناً على أن قيود السن التي اتبعت بالنسبة للرؤساء في الفترة التي أعقبت دنج وحتى الآن ربما لا تنطبق على الرئيس شي جينبينغ، وأن مدة رئاسته أصبحت مفتوحة في المستقبل، ومن ثم فان هذا التعديل رغم قلة عدد كلماته فإنه ذو مغزى كبير، فقد ذكر فكر الرئيس شي جينبينغ بالاسم، وأطلق القرار الخاص بتحديد السن لتولي المنصب لفترتين فقط، وكان ذلك من إنجازات دنج سياو بنج وهو مبدأ تقاعد القيادات وتجديد الدماء والرئيس الأسبق جيانج تزمين هو الذي أدخل تحديد السن بالسبعين في دستور الحزب وطبقه على نفسه واقتدى به خوجنتاو.. للحديث بقية.